يواجه شمال سوريا موجة نزوح جديدة وسط تصعيد عسكري مكثف من قبل قوات نظام الأسد والمليشيات المتحالفة معه، بدعم من روسيا وإيران، حيث تتعرض القرى والبلدات في ريف إدلب وحلب لقصف شبه يومي يستهدف المناطق السكنية، مما يجبر الآلاف على النزوح.
أفادت مصادر محلية بحدوث قصف متواصل بالصواريخ والمدفعية في ريف حلب الغربي أمس، بينما تمكن عناصر هيئة تحرير الشام من إسقاط طائرة مسيرة انتحارية للنظام قرب قرية سان شرق إدلب. كما تعرض محور سان لهجمات بالطائرات المسيرة دون وقوع إصابات.
وثقت منظمة فريق (منسقو الاستجابة السورية) نزوح 6,277 شخصًا من ريفي إدلب وحلب في الأيام الأخيرة. وناشدت المنظمة المجتمع الدولي للتدخل لوقف هذه الهجمات ودعت المنظمات الإنسانية لدعم النازحين الجدد حتى يتم استعادة الاستقرار.
ومع اقتراب فصل الشتاء، تبدو الأوضاع كارثية، فقد حذر الدفاع المدني السوري، المعروف بالخوذ البيضاء، من كارثة إنسانية وشيكة. وأشارت إلى أن القصف المستمر هو مؤشر واضح على أن النظام السوري وروسيا وحلفاءهم مصرون على مواصلة حملتهم العسكرية، دون اعتبار للقانون الدولي أو المعايير الإنسانية. وحثت الخوذ البيضاء المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان على اتخاذ إجراءات حاسمة لحماية أكثر من 5 ملايين مدني في المنطقة ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.
وأكد هادي البحرة، رئيس الائتلاف الوطني السوري، في بيان على منصة X، أن الهجمات على المنازل المدنية والمزارع والمرافق تهدد حياة مئات الآلاف في ريفي حلب وإدلب، مما يخلق موجات نزوح جديدة. وقال البحرة: “إن جرائم الحرب التي يرتكبها نظام الأسد وحلفاؤه واستراتيجيتهم القمعية من بين الأسباب الرئيسية التي تدفع أكثر من نصف السكان السوريين للنزوح.”
جدد البحرة التأكيد على أن سوريا لا تزال غير آمنة لعودة اللاجئين بشكل طوعي. وحث المجتمع الدولي على تفعيل إجراءات المساءلة وفرض إجراءات ملزمة لكبح العنف، محذرًا من أن الفشل في ذلك سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المستمرة التي تعصف بالسوريين منذ سنوات.
كما أعرب العاملون في المجال الإنساني عن أسفهم على الهجمات وأشاروا إلى أن قدرتهم على تقديم الخدمات الحيوية تتأثر بتحديات كبيرة في الاتصالات بسبب الانقطاعات في خدمة الإنترنت، مما يعقد قدرتهم على تقديم التحديثات الفورية وتقييم جهود الاستجابة في شمال سوريا. ومع استمرار الهجمات، يضطر السكان الذين بدأوا بالعودة إلى المناطق التي تم تأمينها سابقًا إلى مغادرتها مرة أخرى، مما يزيد من معاناة المنطقة التي تضم بالفعل ملايين النازحين داخليًا.
دعت الخوذ البيضاء والمنظمات الإنسانية الأخرى إلى موقف دولي موحد لحماية المدنيين والعاملين في مجال الإغاثة في شمال غرب سوريا. إن استمرار القصف، بالتزامن مع قدوم شهور الشتاء الباردة المقبلة، يهدد بتحويل الوضع المتدهور أصلاً إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة.