قام نظام الأسد وحلفاؤه بتصعيد الهجمات بالطائرات المسيرة على المدنيين والبنية التحتية الأساسية في شمال سوريا، حيث استهدفت الهجمات مؤخرًا مناطق سكنية، ومزارع، وخدمات حيوية كالمستشفيات والمدارس، وفقًا لمصادر محلية ومنظمات إنسانية. وأصدرت منظمة الدفاع المدني السوري، المعروفة بـ “الخوذ البيضاء”، تحذيرًا متجددًا بشأن التهديد المتزايد الذي تشكله هذه الهجمات، والتي أسفرت عن وقوع ضحايا وإصابات وأجبرت السكان على الفرار، مما أدى إلى تعطيل التعليم والزراعة والحياة اليومية لآلاف المدنيين.
تأتي هذه الهجمات الأخيرة في ظل موسم حصاد الزيتون، الذي يعد فترة مهمة لسبل العيش للعديد من السكان في إدلب وحلب. وحذرت منظمة الدفاع المدني السوري من أن هذه “الطائرات الانتحارية” لا تعرض حياة المدنيين للخطر فحسب، بل تعرقل أيضًا الأنشطة الزراعية. وصرح متحدث باسم الدفاع المدني قائلًا: “تترك الطائرات الانتحارية وراءها القتل، الرعب، الدماء، والدمار، في ظل غياب المحاسبة”، مندداً بالقصف المستمر من قبل النظام وحلفائه، بما في ذلك روسيا وإيران.
يوم الخميس، الموافق 7 نوفمبر، كثفت قوات النظام الهجمات بالطائرات المسيرة على قرى شمال غرب سوريا، بما في ذلك أطراف تديل في ريف حلب الغربي ومناطق سكنية في دارة عزة. وتبعت هذه الهجمات غارة يوم الأربعاء، حيث استهدفت 15 طائرة مسيرة طريق معرة النعسان – كفر نوران والبلدات المجاورة، مما أسفر عن مقتل شاب وإصابة آخر.
وذكرت الخوذ البيضاء أن أكثر من 256 هجمة بطائرات مسيرة انتحارية ضربت ريف إدلب وحلب منذ يناير، مما أدى إلى مقتل 34 مدنياً وإصابة 88 آخرين، ومعظم الضحايا من النساء والأطفال. وقدرت منظمة فريق منسقو الاستجابة السورية، أن هذه الهجمات شملت 874 طائرة مسيرة، تم إسقاط 133 منها فقط قبل وصولها إلى أهدافها. وأدت هذه الضربات إلى زعزعة استقرار المنطقة بشكل أكبر، خصوصًا في المناطق التي تعتمد بشكل كبير على الزراعة كمصدر للدخل.
بالإضافة إلى استهداف الأراضي الزراعية، أصابت الضربات الأخيرة البنية التحتية الحيوية. يوم السبت، 9 نوفمبر، قصفت مدفعية النظام أحياء في سرمين شرق إدلب وأتارب غرب حلب، مما أدى إلى إلحاق أضرار بعيادة في سرمين وتعطيلها مؤقتاً. وأفاد السكان أيضًا بوقوع هجوم صاروخي على أحياء في الأتارب تسبب في اندلاع حريق في منزل سكني واجه المدنيون صعوبة في السيطرة عليه.
وقد أعاقت هذه الهجمات الجهود الرامية إلى استعادة الخدمات الأساسية في المنطقة، حيث تعرضت المراكز الطبية والمدارس والعيادات للقصف المتكرر. وأدان رئيس الائتلاف الوطني السوري، هادي البحرة، هذه الضربات باعتبارها تهديدًا مباشرًا لحياة المدنيين وعائقًا واضحًا أمام عودة اللاجئين المحتملة. وقال البحرة: “إن كثافة الهجمات واستمرار عمليات القصف يظهر بوضوح عدم وجود بيئة مناسبة لعودة اللاجئين”، مشددًا على أن الحل السياسي المتوافق مع القرارات الدولية هو المسار الوحيد لتحقيق عودة آمنة.
وفقاً لتقارير الدفاع المدني، أجبرت الهجمات بالطائرات المسيرة المزارعين على التخلي عن حقولهم أو مواجهة مخاطر قاتلة في مناطق أرياف إدلب وحلب المحاذية للجبهات. وأضاف المتحدث باسم الدفاع المدني: “إن حرب النظام السوري وروسيا وحلفائهم تستمر في القتل”، مشيرًا إلى أن الاستهداف المتعمد للمناطق الزراعية هو تكتيك لتعطيل الاقتصاد المحلي وزيادة نزوح المدنيين.
مع تصاعد الهجمات خلال الأيام الثمانية الماضية، أفاد البحرة أن قوات النظام والمليشيات الإيرانية نفذت ما لا يقل عن 60 هجمة بطائرات مسيرة منذ بداية نوفمبر فقط. وفي ردود فعل متوالية، تواصل مجموعات الإغاثة والقادة المحليين دعوة المجتمع الدولي للتحرك الفوري لحماية المدنيين ومنع المزيد من استهداف الموارد الحيوية. ومع اقتراب الشتاء وتصاعد العنف، يواجه المدنيون في شمال سوريا تحديات متزايدة للبقاء في ظل استمرار الغارات الجوية ومستقبل غامض.