
أعلنت المحكمة الجنائية الدولية يوم الخميس أنها أصدرت مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
وأوضحت المحكمة أن الدائرة التمهيدية رفضت بالإجماع الطعون المقدمة من إسرائيل وأقرت المذكرات بموجب المادتين 18 و19 من نظام روما الأساسي، مؤكدة أن عدم اعتراف إسرائيل باختصاص المحكمة لا يمنع اتخاذ مثل هذه القرارات.
وكانت مذكرات التوقيف سرية في البداية لحماية الشهود وضمان نزاهة التحقيقات، إلا أن المحكمة كشفت عنها جزئياً لاعتقادها بأن استمرار وقوع أعمال مماثلة لتلك الواردة في المذكرات يتطلب إطلاع الرأي العام.
وتتهم المحكمة نتنياهو (74 عاماً) وغالانت (65 عاماً) بالمسؤولية المشتركة عن جرائم مثل جريمة الحرب المتمثلة في استخدام التجويع كأسلوب حرب، بالإضافة إلى جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل والاضطهاد والأفعال اللاإنسانية. كما يُتهمان بتوجيه هجمات متعمدة ضد السكان المدنيين.
تعود التهم إلى الفترة بين 8 أكتوبر 2023 و20 مايو 2024، حيث شنت إسرائيل حملة عسكرية واسعة النطاق في غزة. ووفقاً للمحكمة، قامت القوات الإسرائيلية بحرمان السكان المدنيين في غزة عن عمد من الغذاء والماء والوقود والإمدادات الطبية – وهي أفعال اعتُبرت ضرورية للبقاء على قيد الحياة.
كما أصدرت المحكمة يوم الخميس مذكرة توقيف ضد محمد ضيف، قائد كتائب القسام التابعة لحركة حماس، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تستهدف الإسرائيليين. وجاء ذلك في أعقاب مذكرات سابقة طلبها المدعي العام للمحكمة كريم أحمد خان في مايو، تضمنت أسماء نتنياهو وغالانت وقادة كبار آخرين في حماس، من بينهم يحيى السنوار وإسماعيل هنية. ورحبت حماس بقرار المحكمة بشأن نتنياهو وغالانت لكنها رفضت التهم الموجهة ضد الضيف. وفي المقابل، انتقدت الحكومة الأمريكية بشدة قرارات المحكمة.
ووصف نتنياهو قرار المحكمة بأنه “هجوم شائن” ضد إسرائيل وتعهد بمواصلة الدفاع عن بلاده “بأي وسيلة ضرورية”. كما حذر غالانت من أن المذكرات قد تخلق “سابقة خطيرة” للدول الديمقراطية “في مكافحتها للإرهاب”.
وأعربت الولايات المتحدة عن “رفضها القاطع” لتحرك المحكمة. وانتقد متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية العملية القانونية للمحكمة، مشيراً إلى وجود “أخطاء إجرائية” ووصف القرار بأنه “متسرع”.
أما ردود الفعل الأوروبية فكانت مختلطة. فقد أكد جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، أن قرارات المحكمة الجنائية الدولية ملزمة للدول الأعضاء، بينما أصدرت دول مثل فرنسا وبريطانيا والنرويج بيانات حذرة أكدت احترامها للقانون الدولي دون تأكيد ما إذا كانت ستنفذ المذكرات. من ناحية أخرى، دعمت تركيا والأردن قرار المحكمة. واعتبر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن هذه الخطوة تمثل خطوة نحو تحقيق العدالة للفلسطينيين.
ويبرز قرار المحكمة تصاعد التدقيق الدولي بشأن النزاع في غزة، حيث قُتل وأُجبر الآلاف من المدنيين على النزوح. وتمثل المذكرات خطوة قانونية جريئة بتوقعات تنفيذ غير واضحة، نظراً لعدم اعتراف إسرائيل بالمحكمة وتعهدها بعدم التعاون.
وقد أعادت التطورات الجارية إشعال النقاشات الأوسع حول المساءلة عن جرائم الحرب في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، مع دعوات منظمات دولية لتحقيقات محايدة وتحقيق العدالة للضحايا على الجانبين.