
خلال الـ 24 ساعة الماضية صعّد النظام السوري المدعوم من القوات الروسية والإيرانية هجماته على المناطق المدنية في المناطق المحررة شمال غرب سوريا، مخلفًا دمارًا واسعًا ودافعًا مئات العائلات نحو مزيد من النزوح.
استهدف القصف والغارات الصاروخية الأحياء السكنية والبنية التحتية المدنية، مما يشير إلى استمرار الحملة القاسية للنظام ضد السكان الضعفاء في المنطقة.
وأفادت منظمة الدفاع المدني السوري، المعروفة باسم “الخوذ البيضاء”، بأن رجلاً وابنته الصغيرة أصيبا يوم السبت في قرية كفر نوران غرب حلب، عندما ضربت طائرة انتحارية تابعة للنظام سيارتهم، وبعد ساعات قليلة، استهدفت النيران المدفعية الأحياء السكنية في مدينة دارة عزة غرب حلب، مما أدى إلى تدمير منازل ونزوح السكان.
وفي محافظة إدلب، استهدفت قذائف المدفعية والصواريخ أطراف مدينة بنّش، مما أسفر عن مقتل فتاة صغيرة وإصابة شقيقيها. وفي الوقت نفسه، أصيب خمسة مدنيين – أربعة منهم أطفال – بجروح خطيرة في مدينة أريحا جراء هجمات مماثلة.
وصفت منظمة الخوذ البيضاء المشاهد بأنها “حرب على الحياة والطفولة”، ونشرت قصة الطفلة آية، وهي فتاة تبلغ من العمر ثلاث سنوات أصيبت في القصف، التي “لا تعرف ما الذي حدث… أو لماذا أصيبت ساقها.”
أكدت غرفة عمليات “الفتح المبين”، وهي تجمّع من الفصائل العسكرية الثورية، أن أكثر من 1230 قذيفة مدفعية و55 غارة جوية استهدفت إدلب، مما أدى إلى أضرار واسعة النطاق في البنية التحتية وسقوط ضحايا مدنيين.
وقال قائدها العسكري، حسن عبد الغني: “إن الحشد العسكري للنظام يشكل تهديدًا خطيرًا على أمن المناطق المحررة، وقواتنا مستعدة تمامًا لمواجهة هذا التصعيد والدفاع عن السكان.”
في ريف حلب، استهدفت القوات المشتركة بين النظام وقوات سوريا الديمقراطية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني (قسد) المناطق السكنية بالقصف المدفعي، بما في ذلك حي النهضة في مدينة الباب وقرية أبلا، مما أسفر عن إصابة امرأتين وطفل.
تعكس هذه الهجمات نمطًا من استهداف المنازل بدلًا من المواقع العسكرية، مما يفاقم أزمة اللاجئين المتدهورة بالفعل.
أدانت حكومة الإنقاذ السورية، التي تدير المناطق المحررة في شمال سوريا، القصف، مشيرة إلى تدمير المنازل وتهجير العائلات في بنّش وغيرها من البلدات، وقالت وزارة التنمية والشؤون الإنسانية في حكومة الإنقاذ السورية: “إن التصعيد يهدد حياة عشرات الآلاف من المدنيين ويحذر من موجات نزوح جديدة نحو المخيمات الحدودية.”
وأدان وزير الإعلام في حكومة الإنقاذ، محمد العمر، الهجمات باعتبارها “انتهاكات فاضحة للقوانين الدولية” ودعا المجتمع الدولي إلى محاسبة النظام السوري على جرائمه. وقال: “إن هذا القصف العشوائي يهدف إلى كسر إرادة السوريين.”
رددت منظمة الخوذ البيضاء هذه المخاوف، مشيرة إلى أنها استجابت منذ يناير لـ 876 هجومًا في المنطقة، مما أسفر عن مقتل 80 مدنيًا – بينهم 19 طفلًا – وإصابة 372 آخرين، مع تأثر الأطفال والنساء بشكل خاص.
تؤكد أعمال العنف المستمرة في شمال غرب سوريا على الوضع الأمني الهش لـ 5 ملايين من سكان المنطقة، بمن فيهم أكثر من 1.5 مليون نازح يعيشون في مخيمات حدودية غير مستقرة، ومع اقتراب فصل الشتاء وشح المساعدات الإنسانية، يحذر المسؤولون المحليون ومنظمات الإغاثة من تفاقم الأزمة ما لم يتدخل المجتمع الدولي، كما قال أحد متطوعي الخوذ البيضاء بشكل صارخ: “من إدلب إلى ريف حلب، يبقى المدنيون بلا حماية، والجناة (النظام) بلا عقاب.”