
تراقب تركيا عن كثب الديناميكيات المتغيرة بسرعة في سوريا، حيث حققت القوات الثورية تقدمًا كبيرًا ضد نظام الأسد كجزء من حملة “ردع العدوان”. وقد سلط المسؤولون والمحللون الأتراك الضوء على تداعيات هذه العملية على الاستقرار الإقليمي، وقبضة الأسد على السلطة، وتأثير الأطراف الأجنبية مثل روسيا وإيران.
خلال مؤتمر صحفي مشترك في أنقرة مع الرئيس المونتينيغري ياكوف ميلاتوفيتش، شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على التزام تركيا بإنهاء حالة عدم الاستقرار المستمرة في سوريا. وقال أردوغان: “أعظم أمنياتنا هي الحفاظ على وحدة أراضي سوريا وإنهاء حالة عدم الاستقرار من خلال اتفاق يتماشى مع المطالب المشروعة للشعب السوري”.
وأكد أردوغان استعداد تركيا للتحرك ضمن قدراتها لضمان السلام في المنطقة. وأضاف: “نحن نتابع التطورات الميدانية في سوريا لحظة بلحظة في إطار أولويات أمننا القومي”، مشيرًا إلى أن تركيا ستتخذ الإجراءات اللازمة لمنع أي تطورات سلبية.
وفي مقال نشره في “تقرير يتكين”، قال عمر أونهون، السفير التركي السابق لدى سوريا: “إن الجماعات المشاركة في العملية منظمة بشكل جيد، وتمتلك أسلحة متطورة، وتستخدم الآن طائرات مسيرة مسلحة”. وأكد أن الأحداث الجارية قد تتيح لتركيا فرصًا لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في سوريا، بما في ذلك عودة اللاجئين السوريين والحفاظ على وحدة الأراضي السورية.
كما حلل السفير السابق الاستجابة المحدودة من حلفاء الأسد الرئيسيين، روسيا وإيران. وأشار إلى أن روسيا تتعامل بحذر، حيث تركز على الحفاظ على مواقعها الاستراتيجية مثل قاعدة طرطوس البحرية وقاعدة حميميم الجوية، مع تقديم دعم جوي متقطع للأسد.
من جهة أخرى، يبدو أن نفوذ إيران في سوريا يتضاءل، خاصة في ظل تراجع قدرة حزب الله على القتال على جبهات متعددة بسبب الضربات الإسرائيلية المكثفة. وقال أونهون: “يمكن أن تؤدي العملية إلى تقليص نفوذ إيران، وهو تطور يتماشى مع مصالح اللاعبين الدوليين والإقليميين الرئيسيين”.
وقد استغلت القوات الثورية نقاط ضعف نظام الأسد، محققة مكاسب كبيرة في محافظات إدلب وحلب وحماة. وأعلنت إدارة العمليات العسكرية السيطرة على مواقع استراتيجية، بما في ذلك تل رفعت وأجزاء من الطريق الدولي حلب-حماة.
ويرى أونهون والمسؤولون الأتراك أن التطورات الأخيرة قد تمهد الطريق لحل سياسي للأزمة السورية. وكتب أونهون: “قد تكون هذه العملية فرصة لبدء حل سياسي”، وهو ما يتماشى مع دعوة أردوغان إلى اتفاق يحترم تطلعات الشعب السوري. ومع تطور الصراع، يبدو أن تركيا مستعدة لاستغلال نفوذها لتشكيل مستقبل سوريا، مع موازنة مصالحها الاستراتيجية ومعالجة مخاوفها الأمنية الوطنية.