
يمثل سقوط ديكتاتورية بشار الأسد يوم الأحد نهاية 54 عامًا من حكم عائلة الأسد وبداية فصل جديد من التعافي وإعادة الإعمار للأمة التي مزقتها الحرب. وقد أثار دخول الثورة منتصرة إلى دمشق ومدن رئيسية أخرى، وفرار الأسد إلى موسكو، ردود فعل متباينة من الجهات الإقليمية والدولية، مما شكل التوقعات لمستقبل سوريا.
رحبت السعودية بالتطورات، معبرة عن رضاها عن الخطوات التي تضمن سلامة الشعب السوري والحفاظ على مؤسسات الدولة. بينما أكدت قطر على أهمية الحوار بموجب قرار مجلس الأمن 2254، مشددة على أهمية الوحدة والسيادة لتجنب الفوضى.
تعهدت الأردن بدعم كامل لإعادة إعمار سوريا وتسهيل عودة اللاجئين السوريين، حيث أكد وزير الخارجية أيمن الصفدي على الوحدة الوطنية. كما دعت مصر جميع الأطراف إلى إعطاء الأولوية لاستقرار سوريا ومؤسساتها.
هنأت الإمارة الإسلامية في أفغانستان قيادة الثورة السورية، داعية إلى إقامة نظام إسلامي موحد، والعفو، والانخراط البنّاء مع العالم. ووصف المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد سقوط دمشق بأنه نصر للمسلمين جميعًا.
أكدت تركيا التزامها بوحدة سوريا ومؤسساتها، محذرة من استغلال الفراغ من قبل جماعات مثل داعش وحزب العمال الكردستاني.
رحبت الولايات المتحدة بحذر بالتطورات، حيث وصف الرئيس جو بايدن ما حدث بأنه “عمل أساسي للعدالة”، لكنه حذر من المخاطر المرتبطة بسجلات بعض مجموعات الثورة بشأن حقوق الإنسان. وأعطت واشنطن الأولوية لأمن الأسلحة الكيميائية في سوريا وتقييم التفاعل مع قادة الثورة، بما في ذلك هيئة تحرير الشام (HTS).
أعربت الدول الأوروبية عن ارتياحها لانهيار النظام. حيث وصفت ألمانيا وفرنسا الانتقال بأنه فرصة للمصالحة وإعادة الإعمار، لكنها حذرت من تصاعد الجماعات المتطرفة. وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين استعداد الاتحاد الأوروبي لدعم إعادة الإعمار مع حماية الأقليات.
تابعت إيطاليا والصين الوضع عن كثب، مع التركيز على الاستقرار وحماية رعاياهما في سوريا.
دعت الأمم المتحدة إلى “حوار شامل بين جميع الفصائل السورية” لضمان انتقال سلس. وأكد المبعوث الخاص غير بيدرسن على احترام القانون الإنساني الدولي وتحقيق مستقبل مستقر. ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن جلسة طارئة مغلقة، بناءً على طلب روسيا، لمناقشة التطورات الجارية.
أعلنت إدارة العمليات العسكرية للثورة، بقيادة أحمد الشراء المعروف بـ”أبو محمد الجولاني”، بداية “عصر جديد لسوريا”. ودعت القيادة القوات الثورية إلى حماية الممتلكات العامة والحفاظ على النظام، مشددة على الانتقال السلمي واستمرار مؤسسات الدولة.
برز الشرع كقائد رئيسي في سوريا ما بعد الصراع، وألقى خطابًا في المسجد الأموي مشق، داعيًا إلى المصالحة الوطنية، وتجنب النهب أو الانتقام. ومع ذلك، أثار تاريخ جماعته تدقيقًا دوليًا، حيث يناقش المسؤولون الأمريكيون إعادة تقييم تصنيف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية.
وصفت صحيفة وول ستريت جورنال سقوط الأسد بأنه هزيمة لروسيا وإيران، مما يعطل نفوذهما ومسارات تسليحهم. وأشارت الافتتاحية إلى الفرص التي توفرها عملية الانتقال في سوريا مع تسليط الضوء على التحديات المتعلقة بإدارة “الفصائل المتطرفة”.
وأشار محللون إلى التحديات التي تواجه مجموعات الثورة، بما في ذلك جهود هيئة تحرير الشام للنأي بنفسها عن ماضيها. وتفيد التقارير بأن الاستخبارات الأمريكية تقيم مدى جدية هيئة تحرير الشام، مع اقتراح بعض المسؤولين حدوث تحول في نهجها.
أكد الدكتور زيدون الزعبي، خبير الحوكمة، على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة وتشكيل مجالس انتقالية لضمان الاستقرار. وأبرز دور اللامركزية والمجتمع المدني في تعزيز السلام وتلبية الاحتياجات الإنسانية.
بينما يحتفل السوريون بنهاية عقود من حكم عائلة الأسد، تواجه البلاد مهمة شاقة لإعادة الإعمار والمصالحة. تظل الأطراف الدولية منخرطة بعمق، مع تغيّر ميزان القوى في المنطقة مع تطور التحالفات والأولويات. الأشهر القادمة ستختبر ما إذا كانت سوريا قادرة على الانتقال بسلام أو مواجهة تحديات وتجدد عدم الاستقرار.