
تكثيف العمليات العسكرية الإسرائيلية في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، صعدت إسرائيل عملياتها العسكرية في سوريا عقب انهيار نظام بشار الأسد، حيث نفذت أكثر من 250 غارة جوية وتوغلاً بريًا، وُصِفت بأنها من أكبر حملاتها العسكرية في العقود الأخيرة، استهدفت الهجمات الإسرائيلية قواعد عسكرية، ومطارات، وأسطولًا بحريًا، ما يعكس أهدافها الاستراتيجية في تحييد التهديدات المحتملة واستغلال المرحلة الانتقالية في سوريا.
على مدى أكثر من خمسة عقود، حافظ نظام الأسد، تحت حكم حافظ وبشار الأسد، على علاقة متوترة ولكنها وظيفية مع إسرائيل، ورغم الخطاب المناهض لإسرائيل، نجح النظام في ضمان عدم وقوع مواجهات مباشرة أو شن هجمات من الأراضي السورية، مما وفر منطقة عازلة عززت أمن الحدود الشمالية لإسرائيل، كما قمع النظام السوري الجماعات الفلسطينية داخل أراضيه، مما ساهم في استقرار الجبهة الإسرائيلية.
مع سقوط الأسد، شنت القوات الإسرائيلية غارات جوية واسعة النطاق استهدفت مواقع رئيسية في دمشق، وحمص، واللاذقية، ومحافظات أخرى، ركزت الغارات على البنية التحتية العسكرية الحيوية، بما في ذلك مستودعات الأسلحة، وأنظمة الصواريخ، والقواعد الجوية، حيث زعم المسؤولون الإسرائيليون أن القوة الجوية السورية أصبحت شبه غير قابلة للتشغيل.
كما نفذت البحرية الإسرائيلية عملية كبيرة دمرت خلالها الأسطول السوري في موانئ اللاذقية وبانياس، وفقًا لهيئة البث الإسرائيلية، وُصفت هذه الهجمات المنسقة بأنها فرصة تاريخية لتفكيك القدرات العسكرية السورية بالكامل.
بالتزامن مع الغارات الجوية، تقدمت القوات الإسرائيلية إلى المنطقة العازلة على طول مرتفعات الجولان، وأعلنت سيطرتها الكاملة على المنطقة منزوعة السلاح التي أُنشئت بموجب اتفاقية فصل القوات لعام 1974، وأعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن الاتفاقية أصبحت لاغية، مستندًا إلى الفوضى الداخلية في سوريا كذريعة لـ”حماية المصالح الإسرائيلية”.
تشير تقارير من مصادر سورية وإقليمية إلى أن القوات الإسرائيلية وصلت إلى مناطق تصل إلى قطنا، على بُعد نحو 25 كيلومترًا جنوب غرب دمشق، رغم نفي الجيش الإسرائيلي التقدم إلى ما وراء المواقع الدفاعية.
بعد الإطاحة بالأسد، فرّت عائلته إلى موسكو، متجاوزةً طهران على الرغم من الدعم الإيراني الطويل للنظام، ويعتقد محللون أن توتر العلاقات بين الأسد والقيادة الإيرانية قد لعب دورًا في هذا القرار، خاصةً في ظل مزاعم بأن نظام الأسد قدم معلومات استخباراتية حول أصول إيرانية في سوريا لإسرائيل.
تواجه إيران، التي تعد داعمًا رئيسيًا لنظام الأسد، خسائر كبيرة مع تعطل طرق الإمداد الخاصة بحزب الله والجماعات الأخرى التابعة لها، كما استهدفت العمليات الإسرائيلية بشكل كبير المواقع والبنية التحتية الإيرانية في سوريا، مما فاقم مخاوف طهران بشأن التغيرات الجديدة في موازين القوى.
تهدف الأنشطة العسكرية الإسرائيلية المكثفة إلى استباق التهديدات المحتملة من الفاعلين الجدد في المشهد السوري بعد الأسد، وشدد نتنياهو على ضرورة القضاء على التهديدات المحتملة لتل أبيب، التي تبعد 40 كيلومترًا فقط عن دمشق، بالإضافة إلى ذلك، يرى بعض المحللين أن الجهود الإسرائيلية تشمل تفكيك شبكات التجسس، وتدمير الأدلة، والاستعداد لاختراق المؤسسات الحكومية السورية الجديدة لضمان تأثير طويل الأمد، ويؤكد المحللون أن إسرائيل تستغل المرحلة الانتقالية في سوريا لإعادة تشكيل ميزان القوى الإقليمي، وضمان ألا يكون أي نظام سوري مستقبلي قادرًا على تشكيل تهديد.
تؤكد الإجراءات الإسرائيلية الحازمة في سوريا نيتها التأثير في مسار البلاد بعد الصراع، فمن خلال تفكيك القدرات العسكرية السورية والإيرانية، تسعى إسرائيل إلى توسيع نفوذها الإقليمي والحفاظ على هيمنتها، ومع ذلك، فإن هذه التوغلات قد تؤدي إلى تصعيد التوترات مع الدول المجاورة وتعقيد المرحلة الانتقالية الهشة في سوريا.
تشكل الهجمات المستمرة والاحتلال الحالي تذكيرًا صارخًا بالرّهانات الجيوسياسية المحيطة بسوريا، في ظل مساعي الفاعلين الإقليميين والدوليين لتحقيق مصالحهم عقب انهيار نظام الأسد.