
بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، تعهدت حكومة تصريف الأعمال السورية بإجراء إصلاحات واسعة النطاق لإقامة دولة تحكمها العدالة وسيادة القانون. وأعلن المسؤولون رؤيتهم لمستقبل البلاد، مع التركيز على التنوّع المجتمعي والمساءلة وجهود إعادة الإعمار.
صرح عبيدة أرناؤوط، المتحدث باسم إدارة الشؤون السياسية في الحكومة، يوم الخميس بأن الدستور والبرلمان السوري سيتم تعليقهما مؤقتًا خلال فترة انتقالية تستمر ثلاثة أشهر. كما سيتم تشكيل لجنة قانونية وحقوقية لمراجعة الدستور وإجراء التعديلات اللازمة. وقال أرناؤوط في بيان لوكالة الأنباء الفرنسية: “أولوياتنا تشمل حماية المؤسسات والوثائق والأدلة مع ضمان سيادة العدالة والقانون”.
من جانبه، أكد رئيس الوزراء المكلف محمد البشير أن الحكومة الانتقالية ستضمن حقوق جميع السوريين بغض النظر عن العرق أو الدين. وقال في تصريح لصحيفة كوريري ديلا سيرا الإيطالية: “سوريا بلد ذو أغلبية سنية، لكنها تحتضن أيضًا مجموعات عرقية ودينية متنوعة. حكومتنا ستحمي حقوق الجميع”. كما دعا البشير المغتربين إلى العودة والمساهمة في إعادة إعمار البلاد.
وأعلن أحمد الشرع، قائد إدارة العمليات العسكرية وأحد أبرز شخصيات الثورة، عن حل القوات الأمنية المرتبطة بالنظام السابق. كما تعهد بإغلاق السجون سيئة السمعة والعمل مع المنظمات الدولية لتأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية.
وقال الشرع لوكالة رويترز: “سنحاسب كل من عذب واضطهد الشعب السوري. لن تكون هناك حصانة للمسؤولين عن هذه الجرائم”. وأكد على تشكيل حكومة تكنوقراطية لإدارة المرحلة الانتقالية حتى مارس 2025. كما هنأ الشرع الشعب السوري على النصر وحث على الاحتفال السلمي. وأضاف: “دعونا نعيد بناء هذا البلد بنفس العزيمة التي تحلينا بها خلال الثورة”.
وبدأت الحكومة الانتقالية بإعادة فتح المجال الجوي السوري وتجهيز المطارات لاستقبال حركة الطيران المدني. ووفقًا لوزير النقل، فإن مطار حلب الدولي أصبح جاهزًا للعمل، مع توقع صدور إعلانات بشأن مطارات دمشق ومطارات أخرى قريبًا. كما تجري جهود لاستعادة المعابر الحدودية وتسهيل التجارة مع الدول المجاورة.
ويمثل سقوط نظام الأسد تحولًا كبيرًا في الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، حيث تراجعت تأثيرات إيران وروسيا في المنطقة. وقد فر الأسد إلى روسيا بعد الإطاحة به، لينهي أكثر من خمسة عقود من حكم عائلته.
وفي هذا السياق، تعمل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على التواصل مع جماعات المعارضة السورية والتنسيق مع الحلفاء، بما في ذلك تركيا، لبدء دبلوماسية غير رسمية. ووصل وفد تركي يضم رئيس المخابرات إبراهيم قالن إلى دمشق للقاء الشرع والبشير. كما أعربت الحكومة الانتقالية عن شكرها للسودان والجزائر على حفاظهما على وجودهما الدبلوماسي في دمشق.
ويعمل قادة الحكومة الانتقالية على إعادة بناء المؤسسات واستعادة ثقة الشعب، واعدين بنموذج حكم شفاف وشامل. وشدد البشير على أهمية تعزيز الوحدة بين السوريين لضمان مستقبل مستقر ومزدهر.
وقال أرناؤوط: “هذه ليست مجرد عملية انتقال سياسي؛ إنها تجديد وطني”. وأضاف: “نحن عازمون على بناء سوريا تعزز العدالة، تحمي جميع مواطنيها، وتزدهر كمنارة أمل في المنطقة”.