
ألقى أحمد الشرع، القائد العام لتحالف إدارة العمليات العسكرية والمسؤول الأول في الحكومة الانتقالية السورية، بيانًا يوضح رؤيته لمستقبل سوريا واستقرارها الإقليمي. وأكد الشرع على أولويات مثل الإصلاح السياسي وإعادة الإعمار وتعزيز الشمولية بين المجتمعات السورية المتنوعة.
وأعلن الشرع أن “تحرير سوريا يضمن أمن المنطقة والخليج على مدى السنوات الخمسين المقبلة”، مشددًا على التداعيات الإقليمية الأوسع لاستقرار سوريا. وفي اعترافه بالتضحيات التي قدمت أثناء التحرير، قال: “لا أعتبر نفسي محرر سوريا؛ كل من قدم التضحيات ساهم. لقد ضمنا خلال العملية عدم وقوع إصابات أو نزوح بين المدنيين”.
الطريق إلى الانتخابات
قدم الشرع خارطة طريق متعددة السنوات لمستقبل سوريا السياسي، بدءًا بصياغة دستور جديد. وأوضح أن “صياغة الدستور قد تستغرق نحو ثلاث سنوات، بهدف إيجاد إطار قوي ودائم”، مضيفًا أن تنظيم الانتخابات قد يستغرق عامًا إضافيًا لضمان بيانات إحصاء دقيقة وعمليات ديمقراطية سلمية.
ووصف العملية بأنها متعمدة، مع عدة مراحل سياسية تسبق اختيار الرئيس المستقبلي لسوريا. وسيوفر مؤتمر الحوار الوطني، الذي يضم ممثلين من جميع شرائح المجتمع السوري، منصة لبناء الإجماع والمصالحة.
وفي معرض حديثه عن المخاوف بشأن الانقسام أو الفيدرالية، قال الشرع: “سندير سوريا بعقلية الدولة؛ لن يكون هناك انقسام أو فيدرالية”. وأكد أن الاحتجاجات ستظل وسيلة مشروعة للمواطنين للتعبير عن آرائهم، بشرط عدم المساس بالمؤسسات العامة.
نهاية الجماعات المسلحة
كان الإعلان المهم هو الحل المخطط له لهيئة تحرير الشام. “وأضاف: “سنعلن حل هيئة تحرير الشام في مؤتمر الحوار الوطني”، وهو ما يشكل خطوة محورية نحو ترسيخ سلطة الحكومة الانتقالية. كما ناقشنا المفاوضات مع قوات سوريا الديمقراطية لحل الأزمة في شمال شرق سوريا. وأكد الشرع على أهمية السكان الأكراد، قائلاً: “الأكراد جزء لا يتجزأ من الشعب السوري”. كما تم تحديد خطط لدمج القوات الكردية في وزارة الدفاع. ومع ذلك، أوضح أن سوريا لن تسمح باستخدام أراضيها كنقطة انطلاق لهجمات حزب العمال الكردستاني.
العلاقات الإقليمية والانتقادات الدولية
أعرب الشرع عن أمله في تحسين العلاقات مع القوى الإقليمية، ودعا بشكل خاص إيران إلى إعادة النظر في تدخلاتها في الشرق الأوسط. وقال: “آمل أن تعيد إيران النظر في تدخلاتها في المنطقة”، منتقدًا التصرفات الإيرانية. ومع ذلك، أكد على التزام سوريا بالوفاء بواجباتها كدولة، على الرغم من التحديات التي يفرضها تورط إيران.
وعن العلاقات مع روسيا، أكد الشرع على ضرورة احترامها، وقال: “لا نريد لروسيا أن تخرج بطريقة لا تليق بعلاقتها مع سوريا”.
وأشار إلى التطورات الإيجابية مع المملكة العربية السعودية، وأشاد بالتصريحات الأخيرة من الرياض ووصفها بأنها “إيجابية للغاية” وسلط الضوء على الدور الرئيسي للمملكة العربية السعودية في استقرار سوريا وتطورها.
وفيما يتعلق بالولايات المتحدة، أعرب الشرع عن تفاؤله بالإدارة القادمة، وقال: “نأمل أن لا تتبع الإدارة الأمريكية القادمة نفس نهج سابقتها”.
معالجة التعويضات والنواقص
أعرب الشرع عن إحباطه من المنظمات الدولية، وخاصة الأمم المتحدة، متهماً إياها بالفشل في معالجة الأزمات الإنسانية في سوريا. وأكد أن “الأمم المتحدة فشلت في إطلاق سراح معتقل واحد أو إعادة لاجئ واحد إلى سوريا”، مشدداً على الحاجة إلى حلول محلية للقضايا الملحة.
ولمعالجة أضرار الحرب، تعمل الحكومة الانتقالية على إنشاء لجان قانونية لطلب التعويضات من البلدان أو المجموعات المسؤولة. وتعهد بأن “سوريا لن تكون مصدر متاعب لأي أحد”، واصفاً ذلك بأنه جزء من التزام الحكومة الأوسع بالاستقرار.
ورغم التحديات، أعرب الشرع عن تفاؤله بالمستقبل. وتوقع أن “سوريا تحتاج إلى عام حتى يشهد المواطنون تحسينات كبيرة في الخدمات”، مؤكداً على تفاني الحكومة الانتقالية في إعادة البناء.
بناء مستقبل موحد
عكست تصريحات الشرع رؤية الوحدة والتعاون، إلى جانب الالتزام بالشراكة والاستقرار الطويل الأمد. وأكد أن “مؤتمر الحوار الوطني سيشمل جميع مكونات المجتمع السوري”، مشيراً إلى نهج واسع النطاق لتشكيل مستقبل البلاد. ومع تقدم سوريا إلى الأمام، تواجه الحكومة الانتقالية المهام الضخمة المتمثلة في إعادة بناء البنية التحتية، وتعزيز المصالحة، وإنشاء إطار سياسي قادر على ضمان السلام الدائم.