
استأنفت سوريا الرحلات التجارية الدولية لأول مرة منذ سقوط نظام الأسد، مما يمثل خطوة محورية في جهود البلاد لإعادة بناء البنية التحتية للطيران وإعادة تأسيس الروابط العالمية. شهد مطار دمشق الدولي أولى رحلاته الدولية يوم الثلاثاء، مما يشير إلى أمل متجدد في تعزيز الاتصال الإقليمي والعالمي.
انتعاش السفر الجوي السوري
في جو من التفاؤل، انطلقت أول رحلة تجارية من دمشق إلى الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، صباح الثلاثاء وعلى متنها 145 راكبًا. وفي وقت سابق من اليوم، هبطت طائرة ركاب قطرية في مطار دمشق الدولي، وهي أول رحلة من هذا النوع منذ 13 عامًا.
وقال أنيس فلوح، مدير المطار: “بداية جديدة اليوم. بدأنا في استقبال وإقلاع الرحلات الدولية بعد سنوات من الإغلاق”. وأشار إلى وصول وفود دولية وطائرات مساعدات مؤخرًا، مؤكداً جاهزية المطار المستعادة.
أعلنت الخطوط الجوية القطرية، التي أعلنت استئناف رحلاتها الأسبوع الماضي، أنها ستُسيِّر ثلاث رحلات أسبوعية إلى دمشق. ويعكس هذا التطور اتجاهًا متزايدًا لشركات الطيران الإقليمية لإعادة الروابط مع سوريا. كما أظهرت رحلة تجريبية للخطوط الملكية الأردنية بين عمان ودمشق يوم الثلاثاء اهتمامًا متجددًا بإعادة إحياء الاتصال الجوي.
شركاء في إعادة التأهيل
كان لقطر دور كبير في دعم إعادة تأهيل قطاع الطيران في سوريا. وأفاد مسؤول قطري لوكالة الأنباء الفرنسية بأن الدوحة قدمت دعمًا فنيًا لصيانة المطارات واستئناف الرحلات التجارية والشحن.
في الوقت ذاته، تجري المديرية العامة للطيران المدني التركي محادثات مع نظيرتها السورية لاستئناف الرحلات بين البلدين في غضون أسبوع. وأعرب وزير النقل التركي عبد القادر أورالوغلو عن استعداد أنقرة للمساعدة في تشغيل المطارات كجزء من جهود أوسع لتحقيق الاستقرار الإقليمي.
كما أعربت إيران عن استعدادها لاستئناف الرحلات إلى سوريا بمجرد الحصول على التراخيص اللازمة من السلطات السورية. وأكد مدير منظمة الطيران المدني الإيراني، حسين بورفرزانه، أن طهران جاهزة لدعم تعافي قطاع الطيران في سوريا.
توسيع عمليات المطارات
أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني في سوريا أن مطار حلب الدولي سيكون جاهزًا للتشغيل في غضون أيام. ومع ذلك، لا تزال مطارات مثل القامشلي ودير الزور واللاذقية بحاجة إلى إصلاحات واسعة النطاق بسبب التخريب والإهمال. وتعمل الخطط الحالية على إعادة تأهيل هذه المرافق وإطلاق خطوط جوية داخلية ودولية.
وقال أشهد الصليبي، المدير العام للطيران المدني السوري: “نعمل بجد لاستعادة العمليات في جميع المطارات، بما في ذلك ضمان معايير السلامة وتحضير البنية التحتية لجداول الرحلات المنتظمة”.
شهد افتتاح مطار دمشق الدولي بالفعل جدولة رحلات إلى بغداد وأربيل في وقت لاحق من هذا الأسبوع، مع توقع إضافة مسارات جديدة إلى وجهات إقليمية قريبًا.
التعاون الإقليمي والتعافي الاقتصادي
يأتي استئناف الرحلات ضمن جهود أوسع للحكومة السورية للتواصل مع المجتمع الدولي. وزار وزير الخارجية أسعد الشيباني عواصم عربية رئيسية، بما في ذلك الدوحة والرياض وأبوظبي وعمان، لتعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية.
وتنظر شركات الطيران والحكومات الإقليمية إلى إعادة فتح المجال الجوي السوري كخطوة حاسمة لتعزيز الاستقرار والتعافي الاقتصادي. بالإضافة إلى الدعم الفني، تعهدت قطر وتركيا بالمساعدة في تحديث البنية التحتية للطيران في سوريا مع التركيز على السلامة والكفاءة.
تعتبر الحكومة السورية إعادة تأهيل المطارات جزءًا أساسيًا من إعادة بناء الاقتصاد وتشجيع الاستثمار الدولي. ومع استئناف الرحلات التجارية، تبدأ سوريا في استعادة مكانتها كمركز للتجارة والسفر الإقليمي.
التغلب على التحديات
رغم هذه الخطوات، لا تزال التحديات كبيرة. تحتاج مطارات مثل القامشلي واللاذقية إلى إصلاحات شاملة، كما تستمر العقوبات الدولية في التأثير على قطاع الطيران في البلاد. ومع ذلك، يمثل استئناف الرحلات في مطار دمشق الدولي إنجازًا مهمًا في مسيرة سوريا نحو إعادة الإعمار وإعادة الاندماج العالمي. ومع إعادة فتح أجوائها للعالم، تتطلع سوريا إلى تعزيز شراكاتها الإقليمية وبناء أساس للنمو الاقتصادي المستدام والاتصال الدولي.