
اجتمع وزراء خارجية وممثلون دوليون اليوم في الرياض في قمة تاريخية لبحث إعادة إعمار سوريا واستقرارها الانتقالي بعد سقوط نظام بشار الأسد. وركزت القمة، التي حضرها دول عربية وغربية، على الجهود الإنسانية، والإصلاحات السياسية، والأمن الإقليمي كأولويات لتعافي سوريا.
اجتماع تاريخي في السعودية
عُقدت القمة في 12 يناير، وشهدت أول مشاركة دولية لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني منذ الإطاحة بالأسد. وشارك في القمة وزراء خارجية السعودية، قطر، مصر، الإمارات، الأردن، وممثلون من ألمانيا، بريطانيا، فرنسا، وتركيا. كما حضر مندوبون من الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، ومجلس التعاون الخليجي.
أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان التزام المملكة بدعم وحدة سوريا وسيادتها. وقال: “مستقبل سوريا بيد السوريين، وسنواصل تقديم الدعم الإنساني.” كما شدد على أهمية تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا لتسريع اندماجها في المجتمع الدولي.
الاستقرار وإعادة الإعمار
ناقش المجتمعون خطوات لتحقيق الاستقرار، بما في ذلك مكافحة الإرهاب، وإعادة بناء البنية التحتية، وضمان تشاركية الحكومة الجديدة في سوريا. تأتي القمة عقب محادثات الشهر الماضي في العقبة، الأردن، التي دعت إلى انتقال تقوده سوريا لتشكيل حكومة تمثيلية وغير طائفية.
وصف وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي القمة بأنها “منصة أساسية لتقييم تقدم سوريا.” وفي اجتماع ثنائي على هامش القمة مع الشيباني، أشار لامي إلى أن “هذا الاجتماع جزء من مناقشات مستمرة لتحديد الخطوات اللازمة لدعم الاستقرار في سوريا.”
أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أهمية التعاون في مواجهة داعش قائلاً: “يمكننا العمل معاً لتعزيز قدرة الإدارة السورية الجديدة على مكافحة داعش بفعالية. هذا الاجتماع لحظة محورية وتاريخية.”
الدعم الاقتصادي والإنساني
تولت السعودية دوراً رائداً في تقديم المساعدات الإنسانية لسوريا، بما في ذلك الغذاء والإمدادات الطبية والمأوى، عبر الجسور البرية والجوية. كما أعربت المملكة عن اهتمامها بالاستثمارات الاستراتيجية لدعم إعادة الإعمار.
عرض وزير الخارجية السوري الشيباني رؤية الإدارة الجديدة للبلاد، والتي تشمل تعزيز الشراكات، وإطلاق خطط التنمية، وتحسين الظروف المعيشية. وقال: “هذه الزيارة تفتح صفحة جديدة ومشرقة في العلاقات السورية السعودية.”
أكدت قطر أيضاً التزامها بوحدة سوريا وإعادة إعمارها. وقال رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني: “نؤكد دعم الدوحة الكامل لوحدة الشعب السوري في هذه المرحلة الحرجة.”
التحديات المقبلة
على الرغم من التقدم المحرز، لا تزال هناك تحديات كبيرة. أعادت القوى الغربية، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، التأكيد على أن تخفيف العقوبات يعتمد على تشكيل سوريا “حكومة شاملة” تحمي الأقليات وتدعم حقوق الإنسان.
أكدت كايا كالاس، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، أن الاتحاد مستعد لرفع العقوبات إذا أظهرت سوريا إصلاحات ملموسة. وقالت: “يتيح لنا هذا الاجتماع استكشاف آليات لدعم الشعب السوري مع محاسبة المسؤولين عن الفظائع السابقة.”
وأشارت آنا جاكوبز، الزميلة غير المقيمة في معهد دول الخليج العربية، إلى دور السعودية القيادي في حشد الدعم الإقليمي. وقالت: “هذه القمة توجه رسالة بأن السعودية تسعى لتكون قائدة في تنسيق الجهود لتعافي سوريا.”
بالنسبة للشعب السوري، تمثل القمة أملاً في مستقبل خالٍ من الصراع وخطوة أقرب نحو إعادة بناء وطنهم.