
تكتسب الجهود المبذولة لتسهيل عودة المجتمعات المسيحية إلى منازلها التاريخية في محافظة إدلب السورية زخماً، حيث بدأت السلطات المحلية، بالتعاون مع حكومة تصريف الأعمال السورية ورجال الدين المسيحيين، عملية شاملة لتسليم الأراضي.
تهدف هذا المبادرة إلى استعادة الأراضي المملوكة للمسيحيين في قرى القنية، اليعقوبية، والجديدة، وقد لاقت تفاؤلاً حذراً بين السوريين الذين كانوا في الأصل من هذه المناطق، والذين عاش العديد منهم سابقاً تحت حكم نظام الأسد السابق. وفقاً لوثائق رسمية حصلت عليها “ليفانت 24″، يُطلب من أصحاب الأراضي الآن تقديم إثبات الملكية قبل انتهاء المهلة المحددة بثلاثة أسابيع لاستعادة ممتلكاتهم.
وجاء في بيان وقّعه الأب “لؤي بشارات” والأب “خوركاز مسروب”: “نحن رجال الدين الفرنسيسكان في محافظة إدلب، نُبلغ أصحاب الأراضي في هذه القرى أن عملية تسليم الأراضي ستتم وفقاً لآليات قانونية محددة”. ويوضح البيان الإجراءات الواضحة لاستعادة الأراضي، بما في ذلك تقديم الوثائق القانونية أو بيانات موثقة لإثبات الملكية في حالة عدم توفر الصكوك الأصلية.
فصل جديد
عُقد اجتماع في إدلب بين ممثلين عن إدارة الشؤون السياسية في محافظة إدلب وشخصيات بارزة من المجتمع المسيحي لتعزيز عملية إعادة الممتلكات للمسيحيين. وخلال الاجتماع، أعرب الأب “بشارات” من اليعقوبية عن تفاؤله بالتقدم المحرز.
وقال الأب بشارات: “نأمل أن تسفر هذه الجلسة عن نتائج إيجابية، فقد كانت تجاربنا السابقة بنّاءة في معالجة القضايا، وطرح الحلول، والتعامل مع الملف المسيحي”.
وأشار إلى اجتماع مفصلي مع السيد “أحمد الشرع” قبل ثلاث سنوات، مهد الطريق للحوار والتعاون. وقال: “لحسن الحظ، بعد اجتماعنا… أجرينا نقاشاً إيجابياً جداً فتح فصلاً جديداً وعالج هذه الصعوبات. وقد بدأت عودة الممتلكات بشكل تدريجي”.
وأضاف أنه منذ تحرير المنطقة في 8 ديسمبر، عادت حوالي 150 عائلة للاستقرار في منازلها التاريخية. “هذا مجرد أول الغيث، ونأمل تحقيق المزيد من النتائج الإيجابية بعد هذا الاجتماع”.
وشدد الأب بشارات على أن ضمان الأمن واستعادة الحقوق سيكونان عاملين حاسمين في تشجيع المزيد من العائلات على العودة. وقال: “إذا تم ضمان الأمن واستعادة الحقوق، فإن الناس سيعودون بالتأكيد إلى منازلهم وأراضيهم”.
جهد منسق
وفي تصريح لـ “ليفانت 24″، أكد “محمد الأزرق”، رئيس إدارة الشؤون السياسية في محافظة إدلب، على الطابع التعاوني لهذا الجهد.
وقال الأزرق: “يشمل هذا الأمر التنسيق بين إدارة الشؤون السياسية ومؤسسة الإكتفاء”. وأضاف: “تم إبلاغ سكان هذه القرى بتقديم الطلبات، مرفقة بالوثائق المطلوبة، إلى مؤسسة الإكتفاء للتدقيق والتسجيل القانوني للمعلومات”.
وأوضح أن الأفراد يمكنهم تقديم الطلبات شخصياً أو من خلال ممثل معتمد، مع دعم إضافي مثل الأدلة المصورة أو شهادات الشهود. وتم تشكيل لجان متخصصة تمثل كلا من المجتمعات المسيحية والدرزية لتسهيل التواصل ومعالجة أي مخاوف ناشئة.
وقال الأزرق: “قمنا بتشكيل لجان للمسيحيين والدروز. هذه اللجان تتواصل معنا بعد تقديم الطلبات، مما يتيح لنا التعامل مع ممثل واحد لكل مجموعة بدلاً من العديد من الأفراد”.
التحديات والضمانات
رغم أن هذه المبادرة تشير إلى تقدم في تعزيز العودة الآمنة للمسيحيين، إلا أن العملية تتضمن إجراءات تحقق صارمة. يجب ألا يكون المتقدمون مرتبطين بالنظام السابق أو متورطين في جرائم حرب. وتضمن اللجان المسيحية والدرزية التي تشرف على الطلبات الامتثال لهذه المعايير قبل الموافقة على أي تحويل للأراضي.
وقال الأزرق: “إذا تم التحقق من الفرد ولم يكن لديه أي انتهاكات، فسيتم تسليم أرضه وفقاً للإجراءات الصحيحة”.
وأُنشئت نقاط تجميع في قرية الجديدة لتقديم الوثائق، بينما سيقوم مكتب في مدينة إدلب بمعالجة الاستفسارات والطلبات المتعلقة بالأراضي التي تديرها سلطات مختلفة في المحافظة.
التقدم للأمام
رغم العقبات، تُعد مبادرة إعادة الأراضي خطوة هامة نحو استعادة الثقة والاستقرار في المجتمعات المسيحية، التي أعرب الكثير منها عن أملهم في العودة إلى أراضيهم.
وأشار بيان رجال الدين أيضاً إلى خطط قادمة لمعالجة النزاعات على الأراضي في مناطق أخرى، مما يشير إلى جهود أوسع لإعادة بناء ودمج السكان المتضررين.
مع تطور عملية تسليم الأراضي، يعمل كل من السلطات المحلية والقادة المسيحيين لضمان انتقال سلس يحترم حقوق الملكية ويعزز الشعور بالأمن للعائلات العائدة.