
أكدت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في سوريا أن الكثير من الأدلة التي توثق الجرائم التي ارتكبت في عهد الدكتاتور السابق بشار الأسد لا تزال سليمة، على الرغم من المحاولات المتعمدة لتدميرها. وفي أعقاب سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، دخل محققو الأمم المتحدة سوريا لأول مرة منذ بدء تحقيقهم في عام 2011، وتحول تحقيقهم من المراقبة عن بعد إلى جمع الأدلة على الأرض.
صرح هاني مجلي، أحد أعضاء اللجنة، أنه في حين تم تدمير بعض الوثائق والمواد – وخاصة في مراكز الاحتجاز حيث تم حرق الأدلة عمداً – تظل سوريا “غنية بالأدلة”، مما يجعل المساءلة ممكنة. وقد تبين أن سجن صيدنايا سيئ السمعة، الذي ارتبط منذ فترة طويلة بالإعدامات خارج نطاق القضاء والتعذيب، خالٍ تقريبًا من السجلات الرسمية، على الرغم من أن مجلي اقترح أن نسخًا مكررة قد تكون موجودة في أماكن أخرى.
وأكد روبرت بيتيت، رئيس الآلية الدولية المحايدة والمستقلة التابعة للأمم المتحدة، أن الحكومة في دمشق ملتزمة بالحفاظ على الأدلة، وجمع الوثائق بنشاط من الأفراد والمؤسسات لضمان إمكانية استخدامها في المحاكمات الوطنية والدولية. كما أكدت منظمات المجتمع المدني على أهمية محاسبة النظام السابق.
الدعوة إلى تخفيف العقوبات عن سوريا
بينما أكد على الحاجة إلى العدالة، دعا مجلي أيضًا إلى رفع جزئي للعقوبات المفروضة على سوريا، بحجة أنها تعيق إعادة إعمار البلاد. وفي حديثه إلى جانب زميلته في اللجنة لين ويلشمان في مكتب الأمم المتحدة في جنيف، حث على اتخاذ إجراءات فورية لإزالة القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية، مع الحفاظ على الضغط من أجل المساءلة.
وقال مجلي: “نحن بحاجة إلى إعادة بناء البلاد ورفع بعض هذه العقوبات”، مؤكدًا على الحاجة إلى الدعم الدولي لمساعدة سوريا على المضي قدمًا. وكررت ويلشمان هذه المطالب، مشيرة إلى أن الإدارة السورية الجديدة تعمل على الحفاظ على الأدلة والانخراط بشكل بنّاء مع الهيئات الدولية. وأكدت أن ضمان العدالة يجب أن يظل أولوية لمنع الانتهاكات في المستقبل.
الأمم المتحدة تحث إسرائيل على الانسحاب من الأراضي السورية
وفي سياق منفصل، ندد جان بيير لاكروا، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، باستمرار الوجود العسكري الإسرائيلي في سوريا، ووصفه بأنه “انتهاك واضح” للاتفاقيات الدولية. وفي أعقاب زيارة حديثة للمنطقة، أكد لاكروا أن احتلال إسرائيل للأراضي السورية، وخاصة في المنطقة العازلة التي أنشأها اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1974، غير قانوني ويشكل عقبة كبيرة أمام جهود حفظ السلام التي تبذلها الأمم المتحدة.
وقال لاكروا: “كلما انتهى هذا الوجود العسكري في أقرب وقت، كان ذلك أفضل”، وحث إسرائيل على الانسحاب في أقرب وقت ممكن. وعلى الرغم من وصف المسؤولين الإسرائيليين لاحتلالهم بأنه “مؤقت”، تواصل الأمم المتحدة الضغط من أجل الامتثال للقانون الدولي.
غوتيريش: انتقال سوريا على “المسار الصحيح”
أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن الإدارة الجديدة في سوريا تتقدم، رغم أن بعض المخاوف لا تزال قائمة. ورغم أن الأمم المتحدة لا تعترف رسميا بالحكومة، فقد سلط غوتيريش الضوء على أهمية عملية انتقالية شاملة، بما في ذلك المصالحة الوطنية وبناء المؤسسات.
إن تعيين الرئيس أحمد الشرع يمثل مرحلة حاسمة في انتقال سوريا. فقد حلت الحكومة بقايا أجهزة الأمن التابعة للنظام السابق، وحظرت حزب البعث، والتزمت بتشكيل مجلس تشريعي للإشراف على الحكم حتى اعتماد دستور دائم. ومع تقدم سوريا إلى الأمام، تواصل الأمم المتحدة مراقبة الوضع عن كثب، وموازنة الحاجة إلى المساعدات الإنسانية، والعدالة للجرائم الماضية، والاستقرار طويل الأمد في المنطقة.