
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي توغلاتها داخل الأراضي السورية، وتوسع تواجدها العسكري في المنطقة العازلة على طول مرتفعات الجولان المحتلة في تحدٍ صارخ للقانون الدولي. وقد أدت التطورات الأخيرة، بما في ذلك تدمير البنية التحتية المدنية واعتقال السكان، إلى تكثيف الدعوات إلى انسحاب إسرائيل، حيث أكد مسؤولون في الأمم المتحدة على ضرورة إنهاء الاحتلال.
تصعيد عسكري إسرائيلي في القنيطرة
عززت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء، مواقعها العسكرية في منطقة تل أحمر بريف القنيطرة، واستكملت إنارة نقطة عسكرية جديدة. وبحسب مصادر محلية، دخلت قوة إسرائيلية أيضًا إلى حي المعلقة الجنوبي، حيث جاب الجنود المنطقة لعدة ساعات قبل اعتقال شاب حاول توثيق التوغل.
وفي الوقت نفسه، أفادت تقارير عن انسحاب جزئي لقوات الاحتلال الإسرائيلي من بعض مناطق القنيطرة، بما في ذلك مبنى المحافظة ومبنى المحكمة، بعد أكثر من 40 يومًا من الاحتلال. ولكن السكان وجدوا المباني مدمرة، حيث تم تدمير الملفات، وحرق أجهزة الكمبيوتر، واقتلاع الأشجار. إن انسحاب بعض القوات لا ينفي الوجود العسكري الإسرائيلي المستمر في المواقع الاستراتيجية، حيث تم إنشاء قواعد جديدة.
قام وفد من قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (UNDOF) بتفتيش مبنى محافظة القنيطرة بعد الانسحاب الإسرائيلي، وتقييم الأضرار التي أحدثتها قوات الاحتلال. ويحذر الناشطون من أنه على الرغم من التدقيق الدولي، تواصل إسرائيل فرض سيطرتها على مواقع رئيسية، في انتهاك لاتفاقية فض الاشتباك لعام 1974.
استهداف المدنيين بحجة العمليات الأمنية
واصلت القوات الإسرائيلية المداهمات تحت مبرر البحث عن عملاء حزب الله المزعومين، وهو الاتهام الذي يرفضه الناشطون باعتباره ذريعة لمزيد من التوسع الإقليمي. بالأمس، اقتحمت القوات منازل في المعلقة، واستجوبت السكان واعتقلت أفراداً دون مبرر قانوني. حدثت عملية مماثلة في أوائل يناير، دون تقديم أي دليل على التهديد الأمني المزعوم.
وأدان الناشط المحلي كمال بكر ادعاءات إسرائيل قائلاً: “إن الاحتلال الإسرائيلي يحاول إضفاء الشرعية على انتهاكاته من خلال نشر الأكاذيب حول وجود بقايا حزب الله في المنطقة. إنهم يتجاهلون قرارات الأمم المتحدة ويواصلون عدوانهم على الرغم من التحذيرات الدولية”.
كما اعتقلت القوات الإسرائيلية أفراداً من بلدة طرنجة بدعوى انتمائهم إلى مجموعة مجهولة أطلقوا عليها اسم “المقاومة الإسلامية في سوريا”. وتشير التقارير إلى أن الاعتقالات التعسفية والدوريات العسكرية تركت المدنيين في خوف دائم من المزيد من التوغلات.
الأمم المتحدة تدعو إلى انسحاب إسرائيل
أكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان بيير لاكروا، الذي زار المنطقة مؤخراً، أن احتلال إسرائيل للأراضي السورية يشكل انتهاكاً مباشراً لاتفاقية فض الاشتباك لعام 1974.
وقال لاكروا في مؤتمر صحفي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك: “كلما انتهى الوجود العسكري الإسرائيلي في سوريا في وقت أقرب، كان ذلك أفضل”. “إن هذا الوجود يعقد مهمة مراقبي الأمم المتحدة ويظل انتهاكا واضحا للقانون الدولي”.
ورغم الإدانات المتكررة من جانب الأمم المتحدة، وسعت إسرائيل احتلالها، وخاصة في المنطقة العازلة في جبل الشيخ، مستغلة سقوط نظام بشار الأسد كفرصة لتعميق موطئ قدمها العسكري. وقد أدان احتلال مرتفعات الجولان السورية على نطاق واسع من قبل جامعة الدول العربية ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، مع دعوات للانسحاب الفوري.
أحمد الشرع: التوغل الإسرائيلي “مشكلة كبرى”
انتقد الرئيس السوري أحمد الشرع في مقابلة مع مجلة الإيكونوميست التوسع الإسرائيلي، ووصفه بأنه قوة مزعزعة للاستقرار في المنطقة.
وقال إن “التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية منذ سقوط نظام بشار الأسد سيخلق الكثير من المشاكل في المستقبل”. وأكد الشرع موقف سوريا من أن أي اتفاق سلام مع إسرائيل مستحيل طالما استمر الاحتلال.
ورفض الشرع كذلك الوجود العسكري الأميركي في سوريا ووصفه بأنه “غير شرعي” وأعرب عن استعداده للدخول في مناقشات مع روسيا بشأن قواعدها العسكرية.
معارضة متزايدة للتوسع الإسرائيلي
مع استمرار إسرائيل في انتهاكاتها في سوريا، يحذر المحللون من احتمالات متزايدة للمقاومة المسلحة. وأشار ناشطون في القنيطرة إلى أنه ما لم تلتزم إسرائيل باتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 وتنسحب من المواقع المحتلة حديثًا، فقد تحمل الجماعات المحلية السلاح دفاعًا عن أراضيها.
مع تصاعد الضغوط الدبلوماسية، يواجه الاحتلال الإسرائيلي المستمر إدانة دولية وإمكانية المواجهة المباشرة مع القوات السورية والجماعات المتحالفة معها. ومع ذلك، وفي ظل عدم وجود تدابير ملموسة تنفذها الأمم المتحدة أو غيرها من الجهات الفاعلة العالمية، يظل الوضع في مرتفعات الجولان محفوفاً بالمخاطر، حيث يتحمل المدنيون السوريون العبء الأكبر من العدوان العسكري.