
واصلت الإدارة السورية الجديدة جهودها الدبلوماسية على الساحة الدولية بمشاركتها في مؤتمر ميونخ للأمن (MSC)، حيث التقى وزير الخارجية أسعد الشيباني بنظرائه الدوليين الرئيسيين لمناقشة الانتقال السياسي وإعادة الإعمار والتحديات الأمنية في سوريا.
عقد الشيباني اجتماعات مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ووزير الخارجية النرويجي بارث إيدي، ووزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي. كما التقى بوزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، التي شددت على ضرورة التمثيل الشامل في عملية الحوار الوطني السوري.
يجمع المؤتمر، الذي بدأ الجمعة ويستمر حتى الأحد، أكثر من 50 رئيس دولة و100 وزير للخارجية والدفاع. وتأتي مشاركة سوريا بعد حضورها الأخير لمؤتمر باريس حول سوريا، حيث تعهدت القوى العالمية بدعم الانتقال السياسي في البلاد.
المناقشات الدبلوماسية وأولويات السياسة
وفقًا لوكالة الأناضول التركية، ناقش الشيباني وفيدان جهود مكافحة التنظيمات الإرهابية، وخطط إعادة الإعمار، وتشكيل حكومة سورية جديدة. وقد أصبح الدور التركي في استقرار سوريا محورًا أساسيًا في الجهود الدبلوماسية، حيث توصل البلدان مؤخرًا إلى اتفاقيات حول التعاون في مجال الطاقة.
وفي كلمته خلال المؤتمر، شدد الشيباني على التزام سوريا بالوحدة الوطنية ورفض الطائفية في الحكم، قائلاً:
“التنوع في سوريا يعزز وحدتنا… الحكومة السورية القادمة ستُبنى على الكفاءة، وليس على الطائفية. لن تكون السلطة في يد شخص واحد، بل في يد الشعب السوري.”
كما جدد موقف سوريا بشأن السيادة الإقليمية، مؤكدًا أن:
“الجولان أرض سورية، ولا يملك أحد الحق في التنازل عنها لأي طرف.”
العقوبات والتحديات الاقتصادية
كانت العقوبات الدولية موضوعًا رئيسيًا في المناقشات، حيث حذر المبعوث الأممي إلى سوريا من أن التعافي الاقتصادي للبلاد يعتمد على تخفيف العقوبات. وقال:
“لا يمكن إصلاح الاقتصاد السوري دون رفع العقوبات… هناك حاجة ملحّة للإصلاح في قطاع الطاقة، كما أن الأمن والتمثيل الشامل يمثلان الأولوية القصوى لتحقيق الاستقرار.”
من جانبه، شدد الشيباني على أن العقوبات تعرقل تقدم سوريا، مشيرًا إلى أن المناقشات حول تخفيفها لا تزال مستمرة. وفي هذا السياق، بدأت سوريا بالفعل مفاوضات مع الأردن وتركيا لتحسين إمدادات الطاقة، مع توقعات بزيادة ساعات توفر الكهرباء إلى ثماني ساعات يوميًا خلال عام.
تحولات في العلاقات والإصلاحات الحكومية
في إشارة إلى تحولات جيوسياسية أوسع، أكد الشيباني أن سوريا بدأت مفاوضات أولية مع روسيا حول مصير الديكتاتور المخلوع بشار الأسد. كما أعلن أن العقود السابقة مع موسكو لن يتم تجديدها، مؤكدًا أن سوريا “لن تكون تابعة لأي محور إقليمي.”
كما كشف وزير الخارجية عن خطط للإصلاحات المؤسسية، تشمل:
– استئناف بث التلفزيون الرسمي
– تعيين متحدث رسمي باسم الرئاسة
– إغلاق بعض البعثات الدبلوماسية المرتبطة بالنظام السابق
ومن المقرر أن تبدأ إقالات المسؤولين التابعين لعهد الأسد في السفارات والقنصليات اعتبارًا من مارس المقبل.
تعكس مشاركة سوريا في مؤتمر ميونخ للأمن جهودها المستمرة لاكتساب الشرعية الدولية، وتأمين الدعم الاقتصادي والأمني للانتقال ما بعد الصراع. ومع القرارات الحاسمة المتوقعة في الأسابيع المقبلة، بما في ذلك تشكيل حكومة جديدة بحلول مارس، شكل المؤتمر منصة رئيسية للإدارة الجديدة لعرض رؤيتها لمستقبل سوريا.