
أعرب سكان جنوب سوريا، بما في ذلك محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، عن إدانتهم الشديدة لتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورفضهم للاحتلال والتدخل في الشؤون الداخلية لسوريا. جاءت تصريحات نتنياهو التي دعا فيها إلى “نزع السلاح” في المنطقة، وزعمه “حماية” المجتمع الدرزي في جنوب سوريا، لتُشعل موجة واسعة من الاحتجاجات والاستنكار من قبل القادة المحليين والناشطين.
احتجاجات وغضب شعبي
انتشر الغضب الشعبي في محافظات السويداء ودرعا والقنيطرة استجابة لتصريحات نتنياهو. وعلى الرغم من درجات الحرارة المتدنية، اندلعت مظاهرات في عدة مدن، منها خان أرنبة ونوى وبصرى الشام وساحة الكرامة في السويداء، إضافة إلى مدينة حلب، حيث رفع المتظاهرون لافتات ترفض التقسيم وتؤكد على وحدة سوريا. ومن بين الشعارات التي برزت: “لا للفيدرالية… لا للتقسيم” و”درعا والسويداء والقنيطرة شعب واحد”.
تزامنت هذه الاحتجاجات مع أنشطة عسكرية إسرائيلية في المنطقة. وأفادت تقارير محلية بتحليق طائرات حربية إسرائيلية فوق القنيطرة ودرعا، ما اعتبره كثيرون محاولة لترهيب السكان المحليين. ودعا ناشطون إلى توسيع نطاق التظاهرات خلال الأيام المقبلة لتعزيز الرفض الشعبي للتدخل الخارجي.
رفض موحد من القادة المحليين
أدان الزعماء الدروز والقبائل تصريحات نتنياهو علنًا. وأكد الشيخ سليمان عبد الباقي، زعيم جماعة “جبل العرب الحر”، رفضه القاطع لأي تدخل خارجي، مشددًا على وحدة الشعب السوري. وقال: “نرفض تدخل أي طرف خارجي في الشؤون الداخلية لسوريا. نحن سوريون، هويتنا سورية، ونرغب في بناء وطننا والعيش بسلام”.
كما أصدرت قبائل جنوب سوريا بيانًا مشتركًا أدانت فيه المحاولات الإسرائيلية لزرع الفتنة، مؤكدة: “نرفض أي شكل من أشكال التدخل الصهيوني في الشؤون السورية. هذه التصريحات محاولات يائسة لتقسيم سوريا خدمةً لأجندات إسرائيل العدوانية”. وأكد البيان الولاء للدولة السورية الموحدة ورفض أي محاولات مدعومة خارجيًا لتفتيت البلاد.
في الوقت نفسه، حذّر الناشط المدني هاني عزام من أن الخطاب الإسرائيلي يهدف إلى خلق توترات طائفية، خصوصًا من خلال تصوير إسرائيل كـ”حامية للأقليات” مثل الطائفة الدرزية. وقال: “هذه محاولة واضحة لعرقلة عملية الاندماج بين مناطق الجنوب والجيش السوري الجديد عبر استغلال المخاوف الطائفية”.
تزايد التعاون بين السويداء ودمشق
تأتي هذه الموجة من الرفض لتصريحات نتنياهو في ظل تصاعد التنسيق بين الفصائل المحلية في السويداء والحكومة السورية. وفي الأسابيع الأخيرة، التقى ممثلون عن الجماعات المسلحة في السويداء مع وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة في دمشق لبحث إمكانية دمجهم في الجيش الوطني. وتُعتبر هذه الجهود خطوة مهمة نحو استقرار المنطقة تحت مظلة عسكرية موحدة.
واجتمع الرئيس أحمد الشرع مع وجهاء الدروز في دمشق أمس بعد تصريحات نتنياهو، في لقاء فُسّر على نطاق واسع كرسالة تضامن، حيث أكد التزام الحكومة بالحفاظ على وحدة الأراضي السورية.
رفض مجالس عسكرية انفصالية
رغم الإجماع الواسع على رفض التدخل الخارجي، تحاول مجموعة تُعرف بـ”المجلس العسكري في السويداء” الترويج لنفسها كـ”قوة أمنية” للمنطقة. لكن هذا المجلس، الذي يضم ضباطًا سابقين في نظام الأسد، يواجه رفضًا من الفصائل الرئيسية في السويداء. كما رفض رجال الدين البارزون، مثل الشيخ حكمت الهجري، المجلس واعتبروه كيانًا غير شرعي يخدم أجندات خارجية.
وجاء في إعلان مشترك من المجموعات المحلية والسلطات الدينية: “هذا المجلس العسكري المزعوم لا يمثل أهل السويداء أو فصائلها. ولاؤنا يبقى لسوريا، وليس للقوى الخارجية التي تحاول استغلال منطقتنا”.
اختبار للوحدة الوطنية
مع استمرار التوترات في المنطقة، يرى المراقبون أن هذه اللحظة تشكل اختبارًا حاسمًا لعصر ما بعد الأسد في سوريا. وأكد الناشط المدني عدنان أبو العز أهمية الاندماج الوطني في مواجهة التدخل الأجنبي، قائلًا: “يجب على السويداء ودرعا والقنيطرة تحويل الوحدة إلى فعل. تعزيز الروابط مع الحكومة المركزية ورفض الاستغلال الخارجي سيكونان المفتاح لضمان بقاء سوريا موحدة”.