
في خطوة حاسمة نحو تشكيل المستقبل السياسي لسوريا، أصدر الرئيس أحمد الشرع توجيهاً بتشكيل لجنة من الخبراء مكلفة بصياغة إعلان دستوري. تهدف هذه الخطوة إلى معالجة الفراغ الدستوري الذي خلّفه سقوط نظام الأسد ووضع الأساس للمرحلة الانتقالية في البلاد.
لجنة متنوعة من الخبراء
تتألف اللجنة المشكلة حديثاً من سبعة أعضاء، جميعهم يتمتعون بخبرة واسعة في المجالات القانونية والسياسية. تضم اللجنة مختصين في القانون الدستوري، وخبراء في القانون الدولي، ومدافعين عن حقوق الإنسان، مما يعكس طيفاً واسعاً من الخبرات الأكاديمية والمهنية.
من بين الأعضاء الدكتور عبد الحميد العوّاك، المتخصص في القانون الدستوري، والدكتور ياسر الهوّيش، عميد كلية الحقوق في جامعة دمشق، والدكتور إسماعيل الخلفان، أستاذ جامعي متخصص في القانون المدني.
كما تضم اللجنة الدكتور ريان كحيلان، رئيس قسم القانون العام في جامعة دمشق، والدكتور محمد رضا جلاخي، عميد كلية العلوم السياسية بجامعة دمشق، والدكتور أحمد قربي، باحث في الشؤون الدستورية والقانونية، والدكتورة بهية مارديني، صحفية وباحثة سياسية متخصصة في الحوكمة الدستورية وحقوق الإنسان.
صياغة إطار للمرحلة الانتقالية
وفقاً لما صرّح به عضو اللجنة إسماعيل الخلفان، فإن عملية الصياغة بدأت بالفعل، وتجري مناقشات بين اللجنة والرئاسة السورية. وأكد الخلفان على أهمية الإسراع في إنجاز المهمة قائلاً: “سنبدأ على الفور ونأمل أن نصوغ إعلاناً دستورياً يلبي تطلعات السوريين في هذه المرحلة التاريخية.”
ستقوم اللجنة بمراجعة الدساتير السورية السابقة، وخاصة دستور عام 1950 الذي يُنظر إليه باحترام، كما ستدرس نماذج دستورية من دول مرت بمراحل انتقالية مماثلة، مثل تونس والعراق. الهدف الأساسي هو إنشاء إطار دستوري مؤقت وفعّال يحدد هياكل الحكم، ويضمن حقوق المواطنين، ويوفر الاستمرارية القانونية خلال الفترة الانتقالية.
أحكام رئيسية وجدول زمني متوقع
رغم عدم إصدار مسودة رسمية حتى الآن، تشير التقارير إلى أن الإعلان الدستوري سيضم 48 مادة. وتفيد معلومات غير مؤكدة بأن الوثيقة قد تحدد صلاحيات الرئاسة السورية، بما في ذلك تعيين أعضاء مجلس الشعب والعمل كقائد أعلى للقوات المسلحة. ومن المتوقع أيضاً أن يسمح الإعلان بتشكيل أحزاب سياسية على أسس وطنية، بعيداً عن الطائفية أو العرقية.
لم يتم تحديد موعد نهائي صارم، لكن الخلفان أوضح أن اللجنة تسعى لإنهاء المسودة خلال أيام، أو أسبوع على الأكثر، قبل تقديمها للرئيس الشرع للمراجعة. وأكد أيضاً أن الإعلان الدستوري سيكون إطاراً قانونياً مؤقتاً للمرحلة الانتقالية، المتوقع أن تستمر لعدة سنوات.
منعطف حاسم
يشكل تشكيل هذه اللجنة الدستورية لحظة فارقة في مرحلة ما بعد الأسد في سوريا. ومع سعي البلاد لإعادة بناء مؤسساتها، سيكون الإعلان الدستوري عنصراً حاسماً في تحديد مسار المستقبل. ومع ارتفاع سقف التوقعات، يراقب السوريون هذه العملية عن كثب، على أمل أن تقود إلى الاستقرار ووضع أسس دولة ديمقراطية.