
مع حلول شهر رمضان المبارك مرة أخرى في سوريا، يواجه السوريون هذا الشهر الكريم من الصيام والصلاة في ظل أزمة اقتصادية خانقة تركت الملايين يكافحون لتأمين الاحتياجات الأساسية. وبينما تمتلئ الأسواق في مدن مثل دمشق وحلب بالسلع الرمضانية التقليدية، فإن الواقع بالنسبة لمعظم السوريين هو أن الفقر وعدم الاستقرار المالي يحددان كيفية عيشهم لهذا الشهر المقدس.
النضال من أجل الأساسيات
على الرغم من توفر المواد الغذائية، فإنها تظل بعيدة المنال بالنسبة لكثير من العائلات بسبب الأسعار المرتفعة والأجور المنخفضة. ووفقاً لتقارير السوق، وصل سعر كيلو الأرز البسمتي إلى 9500 ليرة سورية، بينما يكلف كيلو السكر 7000 ليرة. أما التمر، وهو عنصر أساسي في وجبة الإفطار، فيتراوح سعره بين 22,000 و45,000 ليرة للكيلو — ما يجعله رفاهية لا تستطيع تحملها الأسرة السورية المتوسطة. ومع متوسط راتب يتراوح بين 40 و50 دولاراً شهرياً، أصبحت تكلفة تحضير أبسط وجبة إفطار عبئاً هائلاً.
وتزداد الأوضاع سوءاً مع تأخر الرواتب وندرة فرص العمل، مما يدفع العديد من العائلات إلى تقنين استهلاكها الغذائي. وصرح أحد الاقتصاديين السوريين بأن “كثيراً من السوريين فقدوا مصادر دخلهم بسبب إغلاق الأعمال والمصانع”، مما أجبر العائلات على الاعتماد على المساعدات الإنسانية أو شراء الضروريات فقط. ويعيش أكثر من 90% من الأسر السورية تحت خط الفقر، بينما يعاني ما لا يقل عن 13 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي.
رمضان في زمن الأزمة
رغم الصعوبات المالية، يواصل السوريون التمسك بتقاليد رمضان قدر استطاعتهم. يفضل الكثيرون التسوق من البسطات الشعبية التي تقدم أسعاراً أقل قليلاً من المتاجر العادية، فيما يحاول التجار جذب الزبائن عبر تقديم خصومات. وذكر موفق الموصلي، صاحب متجر في دمشق، أنه رغم تقديمه لعروض خاصة بمناسبة رمضان، فإن الطلب لا يزال منخفضاً بسبب نقص السيولة المنتشرة.
ولمواجهة ارتفاع الأسعار، تلجأ بعض العائلات إلى أساليب بديلة، مثل تقليص استهلاكها اليومي، بينما يعتمد آخرون على دعم المجتمع والأسواق المحلية التي تقدم مواد غذائية بأسعار مخفضة أو مدعومة. وأكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أهمية استمرار المساعدات الإنسانية، مشيرة إلى أن ملايين السوريين لا يزالون يعتمدون على تلك المساعدات للبقاء على قيد الحياة.
ورغم المصاعب المستمرة، يظل رمضان وقتاً للأمل بالنسبة للسوريين. وفي خطابه الرمضاني، دعا الرئيس أحمد الشرع المواطنين إلى استغلال هذا الشهر الكريم كفترة للوحدة والتجدد. وقال: “هذه فرصة لنا جميعاً لبناء سوريا التي نحلم بها، سوريا التي تكون فيها الحرية والكرامة حقاً لجميع أبنائها”.
لكن بالنسبة للعديد من السوريين، تجعل الظروف الاقتصادية الصعبة من الصعب عيش روح هذا الشهر كما ينبغي. وعلى الرغم من أن سقوط النظام السابق جلب بعض الحريات، فإن الفقر لا يزال نضالاً مستمراً — وهو نضال يحدد كيفية عيش رمضان في جميع أنحاء البلاد.