
أطلقت وزارة الصحة السورية حملة طبية جديدة تحت شعار “شفاء – يدًا بيد من أجل سوريا”، لمعالجة الانهيار الحاصل في النظام الصحي في البلاد، وتقديم الرعاية المجانية للمرضى الأكثر ضعفًا واحتياجًا.
وقد أُعلن عن المبادرة يوم السبت، ويتم تنفيذها بالتعاون مع أكثر من 100 طبيب سوري مغترب مقيم في أوروبا. وتحظى الحملة بدعم “التجمع السوري في ألمانيا”، و”منظمة الأطباء المستقلين”، و”رابطة الأطباء والصيادلة السوريين في ألمانيا”، إلى جانب عدد من منظمات الإغاثة.
وخلال حفل الإطلاق الذي أقيم في مقر الوزارة بدمشق، وصف وزير الصحة، مصعب العلي، الحملة بأنها “رسالة أمل”. وقال: “كل عملية تُجرى هنا اليوم هي خطوة نحو الشفاء”. وأضاف: “الروح الوطنية التي أظهرها هؤلاء الأطباء تعكس تضامنًا حقيقيًا والتزامًا إنسانيًا”.
وتهدف حملة “شفاء” إلى تقديم الرعاية الطبية والجراحية المجانية في عدة مناطق سورية، وتشمل الخطة 13 مستشفى حكوميًا، من بينها مرافق رئيسية في دمشق، وحمص، وحلب، وإدلب، ودرعا، ودير الزور. وقد تم إطلاق نظام تسجيل رقمي في 19 مارس، حيث يملأ المرضى استبيانات لتحديد أولويات الحالات، ليقوم الأطباء لاحقًا بالتواصل مع الحالات المؤهلة بشكل مباشر.
تأتي هذه المبادرة في ظل استمرار معاناة النظام الصحي السوري نتيجة الحرب، والعقوبات، وتدهور البنية التحتية. وقد وصف نائب وزير الصحة، الدكتور حسين الخطيب، القطاع الصحي الموروث من نظام الأسد، والذي أنهكته سنوات الحرب وسوء الإدارة، بأنه “مأساوي”، مشيرًا إلى قدم الأجهزة، وسوء الأوضاع، وانتشار ثقافة الفساد.
كما تسلط الحملة الضوء على الوضع الكارثي لمرضى السرطان. فمع تزايد نسب الإصابة، لا يوجد سوى 19 مركزًا للعلاج على مستوى البلاد، تغطي فقط 20% من احتياجات الأدوية، وفقًا لأرقام شبه رسمية من الوزارة. ويضطر العديد من المرضى للسفر لساعات من أجل تلقي علاج لا يستطيعون غالبًا تحمل تكاليفه، بينما تعاني الجمعيات الخيرية التي تسد هذا النقص من تراجع التبرعات وتجميد حساباتها البنكية.
وتنقل قصص من مختلف أنحاء البلاد صورة قاتمة. ففي السويداء، يدفع المرضى آلاف الدولارات مقابل جلسات العلاج الكيميائي، في ظل غياب أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي. أما في درعا، فتلجأ العائلات لدفع ما يصل إلى 2000 دولار للجولة الواحدة من العلاج، معتمدين في كثير من الأحيان على أدوية غير موثوقة أو قنوات تهريب.
وقال العلي إن وزارة الصحة ستواصل العمل على تسهيل زيارات الفرق الطبية الدولية والمغتربة، والتنسيق مع المديريات الصحية في المناطق، وتحسين قدرات المستشفيات.
ورغم أن “شفاء” قد لا تحل المشاكل الهيكلية العميقة التي تواجه النظام الصحي السوري، إلا أنها توفر إغاثة فورية وتعكس وحدة رمزية. وختم العلي بقوله: “السوريون في الخارج لم ينسوا. هذه الحملة طريقتهم في رد الجميل”.