
حذّرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) يوم الجمعة من أن نقص التمويل الحاد قد يُعرقل الخطط الرامية لدعم عودة 1.5 مليون لاجئ سوري بحلول عام 2025، مما قد يضطر بعض العائدين إلى مغادرة منازلهم مرة أخرى بسبب تدهور الأوضاع.
فرصة تاريخية
منذ سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر 2024، عاد ما يقرب من 400 ألف لاجئ سوري من الدول المجاورة، في حين أعاد أكثر من مليون نازح داخلي توطين أنفسهم في مناطقهم الأصلية داخل سوريا، وفقًا لما ذكرته المتحدثة باسم المفوضية سيلين شميت. وبهذا، يتجاوز العدد الإجمالي للعائدين الآن 1.4 مليون شخص.
قالت شميت خلال مؤتمر صحفي عقدته في قصر الأمم بجنيف: “هذا الصيف يمثل نافذة حاسمة للعودة الطوعية، خاصة مع انتهاء العام الدراسي”، وأضافت: “لكن من دون دعم دولي مستمر في مجالات المأوى وسبل العيش والمساعدة القانونية والحماية، قد تضيع هذه الفرصة”.
أطلقت المفوضية إطاراً عملياً لمساعدة 1.5 مليون لاجئ ومليوني نازح داخلي على العودة بحلول عام 2025. ومع ذلك، لم تحصل سوى على 71 مليون دولار من أصل 575 مليوناً مطلوبة. وتقول الوكالة إن هذا النقص في التمويل يهدد بالفعل بتقليص عدد موظفيها في سوريا بنسبة 30%، وقد يضطرها إلى إغلاق 44% من مراكزها المجتمعية البالغ عددها 122 مركزاً، والتي تقدم خدمات حيوية مثل الدعم النفسي والاجتماعي والمساعدة القانونية.
وحذرت شميت من أن ما يصل إلى 16.7 مليون شخص – أي نحو 90% من سكان سوريا – بحاجة إلى مساعدات إنسانية، بينما لا يزال أكثر من 7.4 مليون نازح داخل البلاد.
قبل انهيار النظام، كان ما يُقدَّر بـ6.2 مليون سوري قد فرّوا إلى الخارج. ولا يزال معظمهم في دول الجوار، بما في ذلك ثلاثة ملايين في تركيا، وأكثر من 775 ألفاً في لبنان، وما يزيد عن 600 ألف في الأردن، وفقاً لبيانات المفوضية.
مبادرة رقمية
لدعم العودة، أطلقت المفوضية منصة رقمية جديدة بعنوان “سوريا هي الوطن”، تقدم إرشادات حول الإجراءات القانونية، والوثائق الشخصية، والسكن، والوصول إلى الخدمات. وتهدف المنصة إلى مساعدة السوريين في التغلب على التحديات التي تواجههم أثناء إعادة بناء حياتهم بعد سنوات من النزاع.
ورغم فجوة التمويل، أكدت شميت على استمرار تنسيق المفوضية مع وكالات مثل برنامج الأغذية العالمي (WFP)، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، والمنظمة الدولية للهجرة. وقالت: “نظل ملتزمين بالعمل إلى جانب شركائنا لضمان أن تكون العودة آمنة وطوعية وكريمة”.
وفي نداء متجدد للجهات المانحة الدولية، ولا سيما الدول الغنية التي لم تقدم مساهمات، وصفت المفوضية فترة ما بعد النظام بأنها “فرصة تاريخية” لتحقيق الاستقرار في سوريا من خلال إعادة الاندماج.
وقالت شميت: “بعد سنوات من الحرب، أصبح بإمكان السوريين أخيرًا العودة وبدء حياة جديدة”. وأضافت: “من خلال الاستثمار في التعافي الآن، يمكننا الحفاظ على الأمل ومنع النزوح في المستقبل. إنها مسؤولية جماعية يجب ألا نتجاهلها”.