
أفادت مصادر محلية ودولية بأن أكثر من 9,000 عائلة نازحة قد عادت إلى محافظة دير الزور منذ سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر. وعلى الرغم من أن هذه العودة تمثل تحولاً مشجعًا للسكان، إلا أن منظمات الإغاثة تحذر من أن المحافظة لا تزال تعاني من نقص حاد في الخدمات بعد سنوات من الإهمال والحرب.
عودة جماعية والمزيد متوقع
ذكر مكتب تنسيق العمل الإنساني في دير الزور أن 9,247 عائلة – أي أكثر من 36,000 شخص – قد عادوا إلى مدن وبلدات متفرقة في المحافظة. وسُجلت أكبر أعداد العائدين في الميادين والبوكمال، تليها مدينة دير الزور ومنطقة التبني.
وتأتي هذه العودة ضمن توجه أوسع على مستوى البلاد. ووفقًا للأمم المتحدة، فإن أكثر من 1.4 مليون سوري عادوا إلى منازلهم منذ ديسمبر، من بينهم قرابة 400,000 لاجئ عادوا من دول الجوار، وأكثر من مليون نازح داخلي. وتتوقع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) المزيد من حالات العودة في الأشهر المقبلة، لكنها تحذر من أن نقص التمويل والخدمات قد يدفع العائلات إلى النزوح مجددًا.
إهمال على عدة أصعدة
في دير الزور، لا تزال الاحتياجات الأساسية شديدة. وقد سلّط وفد زائر من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) الضوء على حجم الطلب الإنساني في المنطقة. وقال ياسوماسا كيمورا، ممثل اليونيسف في سوريا، خلال زيارته للمحافظة يوم الأحد: “الاحتياجات في دير الزور كبيرة جدًا”.
وتعمل اليونيسف على عدة جبهات تشمل الصحة والتعليم والتغذية وحماية الأطفال. ومن أبرز مبادراتها إعادة تأهيل محطة تحلية ومعالجة مياه الفرات، والتي من المتوقع أن توفر مياه شرب نظيفة لأكثر من 400,000 شخص عند اكتمالها العام المقبل.
وخلال زيارته، التقى كيمورا بمحافظ دير الزور، غسان أحمد، لمناقشة قضايا التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية. وقال: “ناقشنا كيف يمكننا أن نخدم المحافظة بشكل أكثر فاعلية ونوفر المزيد من الدعم المالي”.
ورغم هذه الجهود، لا تزال دير الزور تعاني من آثار الإهمال المزمن. ففي عهد الأسد، كانت المحافظة مهمشة، واستُغلت مواردها الطبيعية الغنية – وخصوصًا النفط والغاز – دون أي إعادة استثمار حقيقية. ووصف تقرير صادر عن قناة تلفزيون سوريا في عام 2024 المنطقة بأنها كانت تُعامل من قبل النظام السابق كـ”منطقة موارد” فقط، دون أي تطوير يُذكر للطرق أو المدارس أو المستشفيات.
واليوم، ومع غياب الأسد عن السلطة، يأمل السكان ومنظمات الإغاثة أن تحظى دير الزور أخيرًا بالاهتمام والاستثمار الذي طالما حُرمت منه. ولكن حتى الآن، فإن تحدي إعادة إعمار محافظة تم إهمالها لعقود لا يزال قائمًا بقوة.