
اعتقلت السلطات السورية اثنين من كبار قيادات حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني في دمشق، ما يشير إلى احتمال حدوث تغيير في سياسة دمشق تجاه الفصائل الأجنبية التي لطالما كانت متجذرة في البلاد في ظل النظام السابق بقيادة الأسد.
وأكدت “سرايا القدس”، الجناح العسكري للجهاد الإسلامي، يوم الثلاثاء، أن قوات الأمن السورية احتجزت خالد الخالد، المسؤول الرسمي للحركة في سوريا، وأبو علي ياسر، رئيس اللجنة التنفيذية لأنشطة الجهاد الإسلامي في سوريا. وحدثت الاعتقالات، وفقًا للتقارير، خلال عطلة نهاية الأسبوع ضمن حملة أمنية أوسع. ولم تُوجَّه حتى الآن أي تهم رسمية، كما لم تُصدر الحكومة السورية أي تعليق علني.
وقالت “سرايا القدس” في بيان: “هذه ليست المعاملة التي كنا نتوقعها من إخوتنا”، داعيةً إلى الإفراج الفوري عن الرجلين، ومشددةً على أعمالهما الإنسانية لصالح اللاجئين الفلسطينيين في سوريا. وحذرت الحركة من أن استمرار احتجازهما قد يضر بالعلاقات الطويلة الأمد مع الشعب السوري والحكومة السورية.
توقيت سياسي حساس
جاءت الاعتقالات بعد أقل من 48 ساعة على زيارة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى دمشق ولقائه بالرئيس السوري أحمد الشرع، في أول زيارة له إلى سوريا منذ 16 عامًا، ما أثار التكهنات بشأن وجود دوافع سياسية محتملة وراء الاعتقالات. وتأتي هذه الزيارة وسط ضغوط دولية متزايدة على سوريا للابتعاد عن الفصائل المسلحة التي تستخدم أراضيها كنقطة انطلاق، مقابل تخفيف العقوبات الغربية.
الضغوط الأمريكية والعلاقة مع إيران
وبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، قدمت الولايات المتحدة مؤخرًا لسوريا قائمة من الخطوات لبناء الثقة لبدء تخفيف العقوبات، شملت طرد الجماعات الفلسطينية المسلحة من أراضيها. وتحتفظ حركة الجهاد الإسلامي، المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بإيران، بوجود عملياتي في سوريا منذ تسعينيات القرن الماضي، وتعرضت مرارًا لضربات إسرائيلية في دمشق، كان آخرها في 13 مارس عندما استُهدف منزل الأمين العام زياد النخالة بغارة جوية.
ورغم أن الجهاد الإسلامي لم يشارك إلى جانب نظام الأسد كما فعلت فصائل إيرانية أخرى، إلا أنها بقيت في دمشق خلال النزاع، بخلاف حركتي حماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، اللتين غادرتا سوريا أو التحقتا بالنظام.
مستقبل غير واضح للفصائل الفلسطينية في سوريا
بحسب صحيفة “العربي الجديد”، هناك تطمينات من مصادر قريبة من الحكومة السورية بأن القياديان سيتم الإفراج عنهما قريبًا؛ لكن اعتقالهما يمثل خطوة غير مسبوقة في المشهد السياسي السوري بعد الحرب. وتُعد هذه المرة الأولى التي يُعتقل فيها قادة فلسطينيون كبار منذ سقوط الأسد في ديسمبر 2024.
حتى الآن، لا تحتفظ أي فصائل فلسطينية في سوريا بمقار رسمية سوى منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح المرتبطة بمحمود عباس، في حين تم إغلاق معظم الفصائل الأخرى أو تم دمجها ضمن السيطرة الحكومية.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الاعتقالات تمثل حادثة فردية أم جزءًا من تحول سياسي أوسع. وحتى اللحظة، لا تزال الأسباب والدوافع وراء الاعتقالات غير معروفة، ما يسلط الضوء على مستقبل غامض ومعقد للعلاقات بين سوريا والفصائل الفلسطينية المسلحة.