
أطلقت السلطات السورية خلال الـ48 ساعة الماضية عملية أمنية واسعة في ريف دمشق، وذلك عقب هجمات دامية نفذتها مجموعات إرهابية مسلحة، متعهدة بحماية المدنيين وإعادة الاستقرار إلى المنطقة بغض النظر عن الانتماءات الطائفية.
وأعلنت وزارة الداخلية يوم الأربعاء مقتل 16 عنصراً من جهاز الأمن العام خلال مواجهات عنيفة مع ما وصفته بـ”المجموعات الخارجة عن القانون” في منطقة أشرفية صحنايا، جنوب غرب العاصمة. واندلعت الاشتباكات بعد محاولة قافلة من المسلحين دخول مدينة جرمانا المجاورة، في تصعيد حاد للعنف تأجج بسبب انتشار تسجيل صوتي مسيء للنبي محمد (عليه الصلاة والسلام).
وأكد المسؤولون الأمنيون أن التسجيل، والذي نُسب زوراً إلى أحد أبناء الطائفة الدرزية، قد تم التلاعب به بهدف إثارة الفتنة الطائفية. ورداً على ذلك، شددت الدولة السورية على التزامها بحماية جميع المواطنين، بمن فيهم أبناء الطائفة الدرزية، ورفض أي استفزازات من شأنها تمزيق النسيج الاجتماعي في البلاد.
وقال العقيد حسام الطحان، رئيس مديرية أمن ريف دمشق: “ستُواجَه الهجمات على أي مكون من مكونات الشعب السوري بكل حزم”. وأكد أن قوات الأمن العام أطلقت حملة تمشيط شاملة في أشرفية صحنايا استهدفت أوكار المسلحين واعتقلت عدداً من المشتبه بهم.
نشر الإرهاب والفوضى
من جهته، أفاد علي الرفاعي، مدير العلاقات العامة في وزارة الإعلام، أن مجموعات مسلحة استخدمت أسلحة خفيفة وقذائف RPG لمهاجمة عدد من الحواجز الأمنية، وأطلقت النار على سيارة مدنية قادمة من درعا ما أدى إلى مقتل ستة من ركابها، كما احتلت أسطح مبانٍ لاستهداف عناصر الأمن بالقنص. وقال: “تحركت قوات الأمن العام بسرعة لاستعادة السيطرة وضمان سلامة السكان”.
كما فرضت السلطات حظر تجول وأغلقت الطرق السريعة الرئيسية التي تربط دمشق بمحافظتي السويداء ودرعا لمنع تسلل المسلحين، فيما أبقت على طريق درعا القديم مفتوحاً تحت حماية أمنية مشددة لضمان مرور المدنيين بسلام.
وأكدت وزارة الداخلية أنها “ستضرب بيد من حديد كل من يحاول زعزعة أمن سوريا واستهداف شعبها”. وواصلت القوات النظامية، مدعومة بمدرعات ومراقبة جوية عبر طائرات مسيرة، عملياتها حتى يوم الخميس لتفكيك ما وصفتها بـ”قواعد إرهابية” تُستخدم لشن هجمات ضد السكان وقوات الأمن.
حماية جميع أبناء الشعب السوري
وعلى الرغم من الطابع الطائفي للعنف الأخير، شددت الحكومة السورية على نهجها غير التمييزي. وقال العقيد الطحان: “واجبنا هو حماية الوطن وجميع أبنائه بغض النظر عن الدين أو الخلفية”، داعياً في الوقت ذاته المسلحين إلى تسليم أنفسهم، ومناشداً الأهالي الإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة.
وأشار المسؤولون إلى أنهم استخدموا كافة قنوات الحوار المتاحة لتجنب مزيد من إراقة الدماء، وأن التعاون مع وجهاء محليين نجح بالفعل في نزع فتيل التوتر في عدد من المناطق. وأضاف الرفاعي: “لقد أثبت الحوار نجاحه في عدة حالات، لكننا لن نسمح بالفوضى أو بانتشار السلاح دون رقابة”.
وتبقى رسالة الحكومة واضحة: استعادة الاستقرار، الحفاظ على الوحدة، ومقاومة كل الجهود الداخلية أو الخارجية التي تستهدف تفتيت الدولة السورية.