
تصاعد التوتر في ريف دمشق هذا الأسبوع بشكل حاد عقب سلسلة من الاشتباكات الدامية وتدخل عسكري إسرائيلي مثير للجدل، مما أثار تحذيرات إقليمية من خطر التقسيم والعنف الطائفي.
بدأت أعمال العنف إثر تسريب تسجيل صوتي يسيء للنبي محمد، نُسب زوراً إلى شيخ درزي. وعلى الرغم من أن وزارة الداخلية السورية أكدت لاحقاً أن التسجيل مزور، فقد اندلعت أعمال عنف انتقامية في مناطق ذات غالبية درزية مثل جرمانا وصحنايا وأشرفية صحنايا، ما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا. ووفقاً لوزارة الصحة السورية، قُتل 11 شخصاً في أشرفية صحنايا وحدها نتيجة هجمات مسلحة وصفتها السلطات بـ”الإرهابية” ونفذتها “مجموعات خارجة عن القانون”.
وفي ظل هذا الاضطراب، شنّ الجيش الإسرائيلي عدة غارات جوية داخل الأراضي السورية. وادعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس أن الغارات تهدف إلى ردع هجمات تستهدف المدنيين الدروز، واصفين إياها بـ”عملية تحذيرية” ضد “المتطرفين”.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن الغارات، التي نُفذت بواسطة طائرات “زيك” المُسيّرة، استهدفت مسلحين كانوا يخططون لهجمات في صحنايا. وأكدت وزارة الداخلية السورية أن أحد الضباط قُتل في إحدى الغارات الإسرائيلية التي استهدفت قوات الأمن العام، فيما أُصيب آخرون.
زعماء الدروز يحذرون من “مخططات إسرائيلية”
لكن منتقدين اعتبروا التدخل الإسرائيلي محاولة انتهازية لتأجيج الانقسامات الداخلية في سوريا. وحذّر الزعيم الدرزي اللبناني السابق وليد جنبلاط عقب اجتماع طارئ لمجلس مشايخ الدروز في بيروت، قائلاً: “إما أن نقبل بسوريا موحدة تحترم التنوع، أو سنُسحب إلى المشروع الإسرائيلي”. واتهم إسرائيل باستغلال التوترات الطائفية لإشعال صراع أوسع وتهجير سكان دروز قرب حدودها.
بدوره، أيّد الشيخ سامي أبي المنى، المرجع الروحي للدروز في لبنان، هذه المخاوف، مديناً التسجيل المسيء وردود الفعل العنيفة التي تبعته، محذّراً من “يد خفية تعمل على تأجيج الصراع في سوريا”. وأكد أن الطائفة الدرزية ترفض فكرة الانفصال أو الدخول في صراع مع الطوائف الإسلامية، قائلاً: “نحن امتداد عربي إسلامي”، ورافضاً ما وصفه بـ”المخططات المشبوهة لإسرائيل”.
ووصف الباحث السياسي محمد صبرا خطاب إسرائيل حول حماية الدروز بأنه “ذريعة لتوسيع النفوذ”، محذّراً من مخاطر انتشار السلاح في أيدي مجموعات مسلحة. وأضاف: “سلاح المدني جريمة مهما كان شعاره”.
وبحلول مساء الأربعاء، أعلنت القوات الأمنية السورية عن نشر وحدات عسكرية في أشرفية صحنايا لإعادة فرض النظام. إلا أن تداعيات الأحداث امتدت إلى خارج الحدود، حيث حذرت تركيا من أي محاولات لزعزعة استقرار سوريا، وأكد الرئيس رجب طيب أردوغان أن بلاده “ستتصدى لأي محاولة لجرّ جارتنا سوريا إلى مستنقع جديد”.
وبينما تحوم القوى الخارجية وتتفاقم التوترات الطائفية، تواجه سوريا اختباراً جديداً لوحدتها الهشة.