
بدأت بعثة بقيادة قطرية في البحث عن رفات الرهائن الأمريكيين الذين قتلهم تنظيم “داعش” قبل نحو عقد من الزمن، في مهمة تحمل أبعادًا إنسانية ودبلوماسية في آنٍ معًا. ووفقًا لمصادر نقلتها وكالة “رويترز”، فقد أطلقت مجموعة البحث والإنقاذ الدولية القطرية المهمة الأسبوع الماضي في بلدة دابق، المعقل السابق لتنظيم “داعش” في ريف حلب الشمالي. وتُنفذ العملية بدعم أمريكي وبالتنسيق مع الحكومة السورية.
وقد عُثر حتى الآن على رفات ثلاثة أشخاص مجهولي الهوية، فيما تتركز الجهود حاليًا على العثور على رفات عامل الإغاثة الأمريكي بيتر كاسيغ، الذي أعدمه “داعش” عام 2014. وتشمل قائمة الضحايا أيضًا الصحفيين جيمس فولي وستيفن سوتلوف، وعاملة الإغاثة كايلا مولر التي تأكد مقتلها عام 2015.
وأعربت عائلة كاسيغ في بيان عن امتنانها لكل من شارك في المهمة، فيما قالت ديان فولي، والدة الصحفي جيمس فولي، للصحفيين: “نحن ممتنون لأي شخص يتولى هذه المهمة ويخاطر بحياته أحيانًا في محاولة للعثور على جثث جيم وباقي الرهائن.”
عملية حساسة في ظل واقع سياسي متغير
تأتي هذه الجهود قبل زيارة متوقعة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى قطر وعدد من دول الخليج، وذلك بعد زيارة قام بها رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ووزير الخارجية محمد الخليفي إلى واشنطن في أبريل، حيث ناقشوا المهمة ضمن ملفات إقليمية أوسع، وفقًا لمصدر مطلع.
وأعلنت قوة الأمن الداخلي القطرية (لخويا)، التي تتولى قيادة العملية، يوم الإثنين أن فرقها عثرت على رفات 30 شخصًا يُعتقد أنهم اختطفوا وقتلوا على يد تنظيم “داعش” في بلدة دابق. وأكدت القوة أنها تنفذ العملية بطلب رسمي من مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) وبالتعاون مع السلطات الأمريكية والسورية.
القيادة السورية الجديدة تسعى لتقارب مع واشنطن
تتزامن هذه المهمة مع مساعٍ تبذلها الحكومة السورية، برئاسة الرئيس أحمد الشرع، من أجل تلبية شروط الولايات المتحدة لرفع العقوبات. ومن بين تلك الشروط، إنشاء مكتب تنسيق للمساعدة في جهود العثور على الصحفي الأمريكي أوستن تايس، الذي فُقد قرب دمشق عام 2012.
وفي يناير الماضي، التقى الشرع والدة أوستن تايس في دمشق، وتعهد بالتعاون الكامل. وأكدت منظمة “مساعدة الرهائن حول العالم” (Hostage Aid Worldwide) أن لديها معلومات تشير إلى أن تايس ما زال على قيد الحياة، استنادًا إلى تقارير حديثة من أوائل عام 2024.
وقال رضوان زيادة، محلل سياسي سوري، لصحيفة “العربي الجديد” إن جهود البحث عن رفات الأمريكيين تمثل خطوة استراتيجية من دمشق. وأضاف: “الإدارة السورية الجديدة تأخذ هذا الملف على محمل الجد، ما يفسر تكليف البعثة القطرية بتنفيذ هذه المهمة.”
التزام أمريكي طويل باستعادة رفات قتلاها
لطالما تعهدت الإدارات الأمريكية المتعاقبة بالبحث عن رفات مواطنيها الذين قتلوا خلال النزاع في سوريا وإعادتهم إلى الوطن. وأكد مصدر نقلته “رويترز” أن الجيش الأمريكي نفذ عمليات محددة في مناطق يُعتقد أن جثث كاسيغ وفولي وسوتلوف مدفونة فيها.