
كشفت وزارة الاتصالات والتقانة السورية عن مشروع “سيلك لينك”، وهو مبادرة واسعة لتحديث البنية التحتية الرقمية في البلاد، وتهدف إلى ترسيخ مكانة سوريا كمركز محوري للاتصالات يربط بين آسيا وأوروبا.
وقد أُعلن عن المشروع يوم الثلاثاء 13 أيار من قبل وزير الاتصالات عبدالسلام هيكل عبر منصة “إكس” (تويتر سابقاً)، حيث يسعى المشروع إلى تحويل سوريا إلى ممر إقليمي للبيانات من خلال نشر 4500 كيلومتر من الألياف الضوئية في أنحاء البلاد. وستربط هذه الشبكة المدن الكبرى مثل دمشق وحلب بنقاط تبديل رئيسية في تدمر، ويمتد إلى المناطق الشرقية والجنوبية التي تعاني من نقص في الخدمات. كما سيتم إنشاء محطة إنزال حيوية للكابلات البحرية في مدينة طرطوس الساحلية.
وقال هيكل: “هذا المشروع سيضع سوريا على الخريطة الرقمية للعالم”، واصفاً إياه بأنه خطوة نوعية نحو تمكين سوريا من لعب دور ممر استراتيجي لحركة البيانات بين آسيا وأوروبا. وأكد أن المبادرة مستلهمة من الدور التاريخي لسوريا على طريق الحرير القديم، وتهدف إلى إعادة ترسيخ مكانة البلاد كمركز عالمي للاتصالات.
من بنية تحتية مدمرة إلى بوابة رقمية
يُطوّر مشروع “سيلك لينك” بالتعاون مع تحالف من الشركاء الدوليين ضمن نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP)، والذي تؤكد الجهات الرسمية أنه سيضمن استدامة طويلة الأمد وتوزيعاً عادلاً لفرص الاستثمار. ويتضمن التصميم بنية احتياطية استراتيجية ومسارات مرنة لتعزيز القدرة على مواجهة الانقطاعات المحتملة في الخدمة، وهو أمر حاسم في بلد لا يزال يتعافى من آثار أكثر من عقد من الصراع.
كما يتضمن المشروع خططاً للربط الإقليمي للبيانات مع الأردن ولبنان والعراق وتركيا، ما يتيح طريقاً برياً جديداً وفعالاً لحركة البيانات بين أوروبا وآسيا. ومن المتوقع أن يقلل ذلك من الاعتماد على أنظمة الكابلات البحرية ويوفر مسارات بديلة لشركات الاتصالات العالمية.
الاستفادة من زخم مشروع “أوغاريت 2”
يعتمد “سيلك لينك” على الزخم الذي ولّده مشروع “أوغاريت 2″، الذي أُطلق في وقت سابق من هذا الشهر. وهو مشروع مشترك بين الحكومة السورية وشركة UNIFI الأمريكية، والمؤسسة السورية للاتصالات، وشركة CYTA القبرصية، ويهدف إلى إعادة تأهيل كابل بحري عمره 30 عاماً ومد خط جديد بطول 250 كيلومتراً بين قبرص وطرطوس. ومن المتوقع أن يؤدي هذا التحديث إلى مضاعفة سرعة الإنترنت في سوريا خلال شهرين.
إطلاق الإمكانات الاستراتيجية والاقتصادية
يَعِد مشروع “سيلك لينك” برفع سرعة الإنترنت في سوريا إلى 100 تيرابت في الثانية، مما سيُحدث تحسناً كبيراً في جودة الخدمات على مستوى البلاد. كما يشير المسؤولون إلى قدرته على جذب الاستثمارات الدولية في خدمات الحوسبة السحابية ومراكز البيانات، بما يخلق فرص عمل ويسهم في النمو الاقتصادي. ويموَّل المشروع من خلال نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهو مصمم لضمان الاستدامة والمرونة، معيداً لسوريا دورها التاريخي كمفترق طرق للتبادل العالمي، وممهداً الطريق لمستقبل رقمي واعد.
وبحسب هيكل، فإن هذه المبادرات تعكس “التزام الحكومة ببناء بنية اتصالات حديثة ومتينة قادرة على مواكبة المتطلبات الاقتصادية العالمية”.