
التهمت الحرائق أكثر من 14,000 هكتار من الغابات والأراضي الزراعية في ريف اللاذقية الشمالي السوري منذ 2 يوليو/تموز، مما أدى إلى نزوح أكثر من 1,100 شخص وتضرر أكثر من 60 تجمعًا سكنيًا. تُمثل هذه الحرائق، التي تُحركها الرياح العاتية والحرارة الشديدة، واحدة من أشد الكوارث البيئية في تاريخ البلاد الحديث.
وأعلنت وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث السورية أن جهود مكافحة الحرائق مستمرة دون توقف لمدة ثمانية أيام. بذلت فرق الدفاع المدني، بدعم من المتطوعين والوزارات والشركاء الدوليين، جهودًا حثيثة لاحتواء الحرائق ومنع انتشارها إلى المناطق المأهولة بالسكان.
الاستجابة المشتركة بين الوزارات والتضامن المدني
نسق مسؤولو الطوارئ والدفاع المدني جهودهم عبر عدة وزارات، وأشرفت على العمليات الميدانية وزارات الدفاع والداخلية والشؤون الاجتماعية. وأعلن وزير الطوارئ وإدارة الكوارث رائد الصالح، عن إنشاء غرفة عمليات مشتركة لدعم فرق الاستجابة وإيصال المساعدات.
على الأرض، تنشط أكثر من 80 وحدة من الدفاع المدني السوري، إلى جانب طائرات إطفاء وفرق من تركيا والأردن ولبنان وقبرص. وأعرب الصالح عن امتنانه للتعاون الإقليمي، واصفًا إياه بأنه “مثال على الأخوة والمسؤولية المشتركة”.
أطلقت وزارة الشؤون الاجتماعية تقييمات للتعويضات المحتملة، وأطلقت جهودًا إنسانية بالتنسيق مع المنظمات المحلية. وفي درعا، أطلق السكان حملة “18 آذار” لدعم عناصر الدفاع المدني، بإرسال البطانيات والطعام والماء.
الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة يتعاونان في جهود الدعم الفني
فعّل الاتحاد الأوروبي خدمة “كوبرنيكوس” للخرائط السريعة بناءً على طلب من دمشق. وتساعد صور الأقمار الصناعية السلطات السورية على تقييم الأضرار وتحديد بؤر الحرائق. وقد أكد القائم بأعمال الاتحاد الأوروبي في دمشق، مايكل أونماخت، استعداد أوروبا للمساعدة خلال اجتماع مع مسؤولين سوريين.
يقدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن الحرائق دمرت 100 كيلومتر مربع من الغابات، أي ما يزيد عن ثلاثة في المائة من إجمالي الغطاء الحرجي في سوريا. كما أفادت الوكالة بإخلاء سبع بلدات على الأقل كإجراء احترازي.
مع غياب الأدلة، لا تزال التكهنات بالحرق العمد قائمة
أكد وزير الداخلية أنس خطاب أن التحقيق جارٍ في أسباب الحرائق. وأقرّ بوجود شكوك حول الحرق العمد، لكنه قال إنه لا يوجد دليل حتى الآن يؤكد الاشتعال المتعمد. وقد عززت قوات الأمن دورياتها وأقامت حواجز طرق في المناطق المتضررة من الحرائق.
يعتقد الكثيرون أن فلول نظام الأسد السابق مسؤولة عن الحرائق، وقد أعلنت جماعة تُطلق على نفسها اسم “سرايا أنصار السنة” مسؤوليتها عنها في بيان غير مُتحقق منه، ولم يتم إثبات أي صلة قاطعة. وحثّ المسؤولون السوريون على توخي الحذر، مشيرين إلى حجم الحرائق وطبيعة التضاريس المُعقدة كعاملين رئيسيين في انتشارها.
التعافي والمخاطر لا تزال قائمة
مع استمرار الحرائق في مناطق مُتفرقة، تُراقب فرق الدفاع المدني اشتعال الحرائق في مناطق مثل قسطل معاف والبركة. وأوضح الصالح أن الخطط طويلة المدى تشمل بناء مراكز استجابة دائمة وتركيب أنظمة إنذار مُبكر.
مع عدم الإبلاغ عن أي وفيات، وإصابات طفيفة فقط بين المُستجيبين، يُشيد المسؤولون بالجهود المُشتركة للفرق المحلية والأجنبية للحد من الخسائر البشرية. وأعلن محافظ اللاذقية محمد عثمان، عن حملة لإعادة التشجير، داعيًا السكان إلى المُساهمة في حملة “بأيدينا نحييها”.