
مع استمرار التوترات في محافظة السويداء جنوب سوريا، يدعو المسؤولون الحكوميون وزعماء المجتمع المحلي إلى الوحدة والحوار وضبط النفس. إلا أن جهودهم تواجه عرقلة مستمرة من الزعيم الدرزي حكمت الهجري، المدعوم من إسرائيل، والذي تُمثّل ميليشياته قوة مزعزعة للاستقرار في ظل هدنة هشة ونزوح مئات المدنيين.
في الآونة الأخيرة، أدى العنف بين جماعات مسلحة موالية للهجري وأفراد من عشائر البدو إلى إجلاء قسري لما يقارب 300 شخص من أصل 1500 من السويداء إلى ريف درعا، في أول عملية إجلاء. وقد أمّنت قوى الأمن الداخلي السورية عملية الإجلاء، في خطوة اعتُبرت ضرورية لنزع فتيل التصعيد في المنطقة.
استراتيجية وطنية للمعالجة وإعادة البناء
أكدت وزارة الإعلام السورية أن حل أزمة السويداء يجب أن يتم من خلال عمل منسق قائم على الوحدة الوطنية. وقال وزير الإعلام حمزة المصطفى: “الدولة ملتزمة بمنع التفكك وحماية جميع المواطنين”، مشيرًا إلى أن المساعدات الإنسانية تم إيصالها، وأن جهودًا مجتمعية جارية لتخفيف التوترات وعزل الخطاب المتطرف.
وتندرج هذه المساعي ضمن استراتيجية وطنية تهدف إلى إنهاء دوامة الصراع وفتح مسار سياسي للمضي قدمًا. وقد وصفت الحكومة المرحلة الحالية بأنها “مقدمة لحلول سياسية واجتماعية” تهدف للحفاظ على وحدة سوريا ومنع القوى الخارجية من استغلال التوترات الداخلية.
الهجري يرفض التهدئة
رغم الزخم باتجاه المصالحة، يواصل حكمت الهجري وأتباعه رفض أي تسوية. وقال المحلل السياسي عبد الرحمن الحاج إن ميليشيا الهجري “تسعى لعزل السويداء عن بقية سوريا” وتستغل المعاناة الإنسانية لتحقيق مكاسب سياسية.
ووصف الحاج الجماعة بأنها “مزيج من المجرمين وبقايا النظام” واقعة تحت تأثير خارجي، متهمًا إياها بمحاولة تحويل المحافظة إلى ورقة مساومة ضمن أجندات إسرائيلية. وشدد على أن جماعة الهجري لا تمثل المجتمع الدرزي ككل، قائلاً: “كما أن قسد لا تمثل جميع الأكراد، فإن جماعة الهجري لا تنطق باسم السويداء كاملةً”.
أصوات تدعو للوحدة وخفض التصعيد
في مقابل تصلب موقف الهجري، دعا زعماء دروز بارزون إلى التهدئة. وأكد الشيخ ليث البلعوس، قائد حركة رجال الكرامة، أن جماعته “لم تغادر الساحة يومًا” وأنها دائمًا ما أولت حماية المدنيين الأولوية. وقال: “كل ما نطلبه هو دولة قانون ومؤسسات”، مدينًا الخطاب الطائفي ورافضًا محاولات التدخل الخارجي لزرع الفتنة.
كما أعرب رئيس المجلس الأعلى لعشائر وقبائل سوريا، مضر حماد الأسعد، عن دعمه للحوار الشامل، مؤكدًا أن العشائر لا تنوي التصعيد، مشيدًا بإطلاق سراح عدد من المحتجزين مؤخرًا كخطوة إيجابية نحو المصالحة.
تحركات دمشق لإعادة النظام
تواصل الحكومة السورية تركيزها على ترسيخ الاستقرار واستئناف الخدمات الأساسية في السويداء. وقال العميد الدالاتي: “نحن نكسر دائرة التوتر والتعبئة الطائفية. السويداء جزء لا يتجزأ من النسيج السوري، وجهودنا تهدف إلى استعادة الأمان والتماسك الوطني.”
وتشير خطة الحكومة للاستقرار إلى تحول استراتيجي نحو إعادة الإعمار وتعزيز المؤسسات الوطنية. وبينما تحاول سوريا تجاوز سنوات الحرب، تبقى السويداء اختبارًا محوريًا — حيث يجب أن يسود الحوار لا السلاح.