
بحسب عدة مصادر، التقى وفد من الإدارة الذاتية بوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في زيارة اعتُبرت محاولة لإنقاذ المفاوضات بعد انهيار المحادثات المقررة في باريس. وقال مصدر كردي لوكالة الصحافة الفرنسية إن الاجتماع، الذي دعت إليه الحكومة السورية، جمع بين إلهام أحمد، وهي قيادية بارزة في الإدارة الذاتية، ومسؤولين سوريين، وتمحور حول إيجاد “صيغة مناسبة لتطبيق اللامركزية” مع استمرار العملية التفاوضية تحت إشراف دولي، واتفق الطرفان على استبعاد الحل العسكري.
وجاءت الزيارة بعد أيام من مؤتمر “الوحدة” المثير للجدل الذي عُقد في 8 آب بالحسكة، حيث دعا ممثلون عن الأكراد والعلويين والدروز وغيرهم إلى صياغة دستور ديمقراطي جديد ونظام سياسي لامركزي. واعتبرت دمشق المؤتمر “ضربة” لجهود التفاوض الجارية، وانسحبت من محادثات باريس، مؤكدة أن جميع النقاشات يجب أن تُجرى في العاصمة السورية.
اتفاق 10 آذار تحت الضغط
زاد اجتماع الحسكة من التوترات بشأن اتفاق 10 آذار الذي وقّعه الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، والذي ينص على دمج قوات “قسد” في الجيش السوري، والحفاظ على وحدة البلاد، والتنسيق في مكافحة الإرهاب. وأوضح عبدي لقناة العربية أن الطرفين اتفقا على “جيش واحد وعلم واحد” مع إدماج “قسد” في وزارة الدفاع، مع بقاء بعض المؤسسات تحت إدارة مركزية في دمشق. ونفى عبدي تلقي أي عرض سياسي جديد من الحكومة، مؤكداً أن قنوات التواصل “ما زالت مفتوحة”.
من جانبهم، اتهم مسؤولون حكوميون “قسد” بخرق الاتفاق من خلال استضافة “شخصيات انفصالية” وإصدار بيانات ترفض سلطة الدولة. ونقلت وكالة سانا عن مصدر أن مؤتمر الحسكة كان محاولة لـ”تدويل الشأن السوري” وطرح أفكار تتعارض مع الاتفاق، مثل تشكيل نواة جيش وطني جديد وتعديل التقسيمات الإدارية خارج الإطار الدستوري.
ضغوط محلية وإقليمية
قال عبد العزيز تمّو، رئيس رابطة الكرد السوريين المستقلين، لقناة تلفزيون سوريا إن زيارة إلهام أحمد هدفت إلى “تهدئة الأجواء” بعد ما وصفه بانقلاب على المادة السادسة من اتفاق 10 آذار، التي تُلزم “قسد” بمساندة الدولة في القضاء على الإرهاب. ورأى تمّو أن “قسد” لا ترغب بالتخلي عن المناطق التي تديرها منذ عقد، واصفاً موقفها بأنه “دولة داخل الدولة”. وحذّر من أن التوتر بين القيادة الكردية في “قسد” المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، وبين ما يقرب من 60 ألف مقاتل من العشائر العربية في صفوفها، قد يؤدي إلى صراع طائفي شبيه بالأحداث في السويداء. وأكد أن القرارات في شمال شرق سوريا تتأثر بقيادة حزب العمال المتمركزة خارج البلاد في العراق.
ضبابية مستمرة وسط المفاوضات
من المتوقع أن تستمر المحادثات في دمشق حتى يوم الخميس، لكن لم يتم تحديد جدول زمني للاندماج السياسي أو العسكري. ويواجه المسؤولون تحدي التوفيق بين مطالب اللامركزية التي يصر عليها طرف، وتمسك الطرف الآخر وهو الحكومة السورية بالسيادة المركزية.
ويبقى ما إذا كانت زيارة وفد الإدارة الذاتية ستؤدي إلى زخم جديد أو مزيد من الجمود مرهوناً بمدى استعداد الطرفين لتقديم تنازلات، إضافة إلى تأثير المتغيرات الإقليمية والدولية على المشهد السياسي السوري.