
أصدر معتقلون سوريون في سجن رومية بيانًا هذا الأسبوع، رفضوا فيه أي خطابات تهدد السلم الأهلي في لبنان، مؤكدين أن مثل هذا الخطاب لا يخدم “قضيتهم العادلة والأخلاقية”. وشددوا على أن معاناتهم يجب ألا تُستغل كورقة ضغط في الدعاية السياسية.
وجاء البيان بعد تداول مقاطع مصورة وتصريحات على الإنترنت تدعو إلى العنف بذريعة حل ملفهم، وسط شائعات عن خطف وهجمات وُصفت بأنها مفبركة لتشويه حركتهم. وقال المعتقلون: “كل أنشطتنا سلمية”، مشيرين إلى أن تحركاتهم تقتصر على الاعتصامات والعمل الإعلامي واللقاءات مع مسؤولين لبنانيين وسوريين. كما دعوا الصحفيين إلى الاعتماد على بيانات “لجنة عائلات المعتقلين في لبنان” لتفادي الترويج للمعلومات المضللة.
وفيات تسلط الضوء على الأوضاع المأساوية
جاء البيان في وقت عادت فيه أوضاع سجن رومية إلى الواجهة بعد وفاة معتقل سوري في 14 آب/أغسطس. وأفاد مصدر خاص لقناة “الإخبارية” أن المتوفى، المعروف بالأحرف الأولى “ع.ق.”، ينحدر من مدينة القصير بريف حمص، واعتقلته القوى الأمنية اللبنانية قبل خمس سنوات بتهمة المشاركة في الثورة السورية.
وبحسب المصدر، فقد تدهورت حالته الصحية بعد إصابته بمشاكل عصبية حادة أثناء وجوده في المبنى “ب”، لينقل لاحقًا إلى “البيت الأزرق” المخصص للعلاج، حيث فارق الحياة بعد تدهور وضعه.
وتأتي هذه الوفاة بعد حادثة أخرى في 4 تموز/يوليو، حين أقدم معتقل سوري من حمص على الانتحار شنقًا بعد معاناة طويلة مع مرض الصدفية الذي لم يتلقَ له أي علاج. وأكد المصدر أن إدارة السجن رفضت تقديم الرعاية الطبية اللازمة، ما ساهم في تدهور حالته النفسية والصحية ودفعه إلى الانتحار.
ضغوط دبلوماسية لحل الملف
تزايدت الدعوات مؤخرًا لحل ملف المعتقلين السوريين في لبنان على خلفية تكرار حالات الوفاة. ففي 19 أيار، التقى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني برئيس الوزراء اللبناني نواف سلام في بيروت، داعيًا الحكومة إلى تسريع معالجة هذا الملف.
وقال الشيباني: “إن السوريين والسوريات سيبقون دائمًا على رأس أولوياتنا”، مشيرًا إلى الآثار المستمرة لسنوات الحرب، ومؤكدًا التزام دمشق بإنهاء ما وصفه بـ”معاناة المعتقلين”.
سجن رومية تحت المجهر
يقع سجن رومية شمال شرق بيروت ويُعتبر الأكبر والأكثر ازدحامًا في لبنان. ويقبع فيه مئات السوريين، كثير منهم بتهم تتعلق بمواقفهم السياسية المعارضة لنظام الأسد المخلوع أو لدخولهم الأراضي اللبنانية “من دون وثائق قانونية”.
وقد انتقدت منظمات حقوقية مرارًا ظروف الاحتجاز داخله، لافتة إلى ضعف الرعاية الصحية، وسوء النظافة، وغياب المحاكمات العادلة. ومع تكرار حالات الوفاة، عاد ملف السوريين في سجن رومية إلى دائرة الاهتمام، حيث يؤكد المعتقلون أن معركتهم ليست سياسية، بل من أجل العدالة والكرامة الإنسانية.