
كثّفت القوات الإسرائيلية عمليات التوغل في جنوب سوريا هذا الأسبوع، ونفذت عمليات في ريفي دمشق والقنيطرة أسفرت عن مقتل مدني واحد على الأقل واعتقال عدد من الأشخاص. وأفادت مصادر محلية أن القوات دخلت بلدة بيت جن بريف دمشق يوم الاثنين 25 آب، حيث أطلقت الرصاص الحي على الأهالي الذين تجمعوا احتجاجًا. وفي القنيطرة، قصفت القوات منزلاً في قرية طرنجة ما أدى إلى ارتقاء مدني، بينما نفذت مداهمات في قرية سويسة واعتقلت شابًا قبل أن تتقدم إلى قرى مجاورة.
وتواصلت التوغلات الليلية في أنحاء القنيطرة، حيث واجه الأهالي الجنود أثناء قيامهم بعمليات تفتيش للمنازل وفرض قيود على الحركة. وذكر شهود عيان وجود دوريات إسرائيلية مكثفة وتحليق للطيران، مما يعكس حجم العملية.
دافع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس عن الاحتلال وأعمال الجيش، معلنًا أن “الجيش سيبقى في جبل الشيخ والمنطقة العازلة للدفاع عن سكان الجولان والجليل”، وأضاف: “سنواصل حماية الدروز في سوريا”. ويرى محللون أن مثل هذه التصريحات تكشف سعي إسرائيل لاستغلال الهويات الطائفية، خصوصًا في أوساط الطائفة الدرزية، بهدف تفتيت سوريا ورعاية ميليشيات بالوكالة.
دمشق تدين “الانتهاك الصارخ للسيادة”
أدانت وزارة الخارجية السورية الغارات ووصفتها بأنها “انتهاك صارخ للسيادة ووحدة الأراضي السورية”. وقالت في بيان الاثنين إن السيطرة على تل باط الوردة في جبل الشيخ والهجمات في القنيطرة تمثل “تهديدًا مباشرًا للسلام والأمن الإقليميين”. وحثّت دمشق الأمم المتحدة ومجلس الأمن على تحمّل مسؤولياتهما وردع إسرائيل عن ما وصفته بالأعمال العدوانية المتكررة.
وأكد وزير الخارجية أسعد الشيباني أمام منظمة التعاون الإسلامي في جدة أن التحركات الإسرائيلية تهدف إلى “تمزيق النسيج الوطني السوري” عبر تغذية الانقسامات الطائفية. واتهم إسرائيل بإنشاء مواقع عسكرية داخل مناطق محظورة، في خرق لاتفاقية فصل القوات الموقعة عام 1974 ولقرارات الأمم المتحدة. وأضاف: “رغم حرب مدمرة استمرت أربعة عشر عامًا، فإن سوريا تنهض اليوم أكثر وعيًا وتصميمًا على صون سيادتها”.
تداعيات إقليمية ودولية
يحذر مراقبون من أن هذا التصعيد يهدد سوريا والمنطقة بأسرها. وقال الباحث السياسي فراس علاوي لوسائل إعلام إقليمية إن إسرائيل تسعى للضغط على دمشق لفرض ترتيبات أمنية جديدة، تشمل منطقة منزوعة السلاح وسيطرة على موارد المياه الحيوية لشمال إسرائيل. ويرى محللون أن استغلال الانقسامات الطائفية والإبقاء على وجود عسكري دائم قد يؤدي إلى زعزعة استقرار جنوب سوريا بطرق قد تمتد عبر الحدود.
ومع استمرار القصف على غزة وتنامي التوتر في لبنان، تزيد العمليات الإسرائيلية في سوريا من تعميق خطوط الصدع الإقليمي. وقد أدانت دول عربية ومنظمات دولية مرارًا الاعتداءات الإسرائيلية عبر الحدود. فيما يحذر محللون من أن عمليات القتل والمداهمات قد تشعل صراعًا أوسع، مما يهدد الأمن الدولي ويكرس حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.