
أفادت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بأن أكثر من 2.5 مليون سوري عادوا إلى مجتمعاتهم منذ أواخر عام 2024، ويشمل ذلك 850 ألف شخص عادوا من الخارج و1.7 مليون نازح داخلي.
وقالت نائبة المفوض السامي لشؤون اللاجئين، كيلي كليمنتس، إن معظم العائدين مرّوا بتجارب نزوح متكررة خلال الأعوام الأربعة عشر الماضية، مما يصعّب عملية استقرارهم. وأضافت في تصريحات من سوريا بتاريخ الأول من أيلول: “إنها مرحلة حاسمة وفرصة كبيرة لاستكشاف حلول لأكبر أزمة نزوح شهدناها خلال الأربعة عشر عاماً الماضية.” وأشارت إلى أن بعض العائلات ترى أن الظروف باتت مواتية للعودة، في حين يفضل آخرون التريث لمراقبة تطورات الأوضاع قبل العودة.
الاحتياجات الأساسية والعقبات القانونية
أكدت كليمنتس أن العائدين ما زالوا يواجهون صعوبات كبيرة، فهم بحاجة إلى سكن آمن وخدمات صحية ومدارس ووثائق قانونية. إذ يفتقر كثير منهم إلى الأوراق اللازمة لاستعادة منازلهم أو الحصول على الخدمات. وخلال زيارتها إلى معرة النعمان بمحافظة إدلب، شاركت مع المحافظ محمد عبد الرحمن في افتتاح مركز جديد للسجل المدني. وقالت: “الوثائق القانونية هي حجر الأساس لاستعادة الممتلكات وإعادة دمجهم في الحياة المجتمعية.”
كما دعمت الأمم المتحدة إعادة تأهيل العيادات الأولية ومرافق أخرى، بالشراكة مع وكالات إنسانية، لتحسين إمكانية الحصول على الرعاية الصحية للعائدين والمجتمعات المضيفة.
نقص التمويل يعرقل الدعم
رغم التقدم، ما زالت الموارد محدودة. وحذرت كليمنتس من أن التمويل الدولي الحالي لا يغطي سوى 22% من احتياجات المفوضية لعام 2025، مؤكدة أن الوكالة لن تتمكن من تقديم الدعم النقدي والخدمات الأساسية دون زيادة دعم المانحين.
وأُطلقت استجابة تشغيلية لمساعدة العائلات العائدة، شملت إصلاحات منزلية صغيرة ودعماً مالياً للأسر الأكثر ضعفاً في 69 مركزاً مجتمعياً. غير أن كليمنتس شددت على أن استدامة هذه البرامج “تعتمد على تأمين التمويل اللازم واستمرار التعاون مع الحكومة السورية.”
ديناميكيات العودة في المنطقة
تشهد دول الجوار أيضاً تحركات واسعة. فقد أعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا الشهر الماضي أن أكثر من 450 ألف سوري عادوا طوعاً من تركيا منذ كانون الأول 2024، ليتجاوز إجمالي العائدين من تركيا 1.1 مليون شخص.
وفي لبنان، أكدت كليمنتس أن أكثر من 200 ألف لاجئ غادروا هذا العام إلى سوريا، معظمهم إلى محافظات حماة وحمص وحلب. كما أعلنت الحكومة اليابانية تقديم 5.5 مليون دولار لدعم برنامج أممي يهدف إلى إعادة تأهيل البنية التحتية في حلب وحمص، بهدف توفير ظروف معيشية أكثر أمناً مع تزايد أعداد العائدين.
التحديات في جنوب سوريا
تظل الأزمة حادة في المناطق التي شهدت أعمال عنف مؤخراً. وأشارت كليمنتس إلى أن نحو 190 ألف شخص نزحوا في جنوب سوريا بعد أحداث العنف في السويداء تموز الماضي. ومنذ ذلك الحين، تم إرسال 21 قافلة إغاثية، كما سمح إعادة فتح طريق دمشق-السويداء بوصول المساعدات إلى المجتمعات المتضررة.
وأكدت كليمنتس مجدداً أن المشاركة الدولية المستمرة أمر أساسي. وقالت: “إن استمرار التعاون بين الحكومة السورية والمجتمع الدولي ضروري لتلبية احتياجات العائدين وتوفير حلول مستدامة.”