
أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي السورية هذا الأسبوع أنها كشفت واحدة من أكبر قضايا الفساد الأكاديمي في البلاد، مرتبطة بممارسات ازدهرت في ظل أنظمة الأسد السابقة. تتمحور الفضيحة حول جامعة خاصة متهمة بإصدار شهادات مزورة مقابل مبالغ مالية كبيرة.
قال الوزير مروان الحلبي إن القضية أحيلت إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، التي أكدت استخدام أوراق امتحانية مزوّرة لمنح دبلومات وهمية لشخصيات نافذة، بما في ذلك أبناء مسؤولين ومهربو مخدرات. وقدّرت الهيئة قيمة المخالفات بنحو 1.5 مليار ليرة سورية وأحالت المتورطين، إلى جانب 14 طالبًا، إلى القضاء. كما وُضعت أصول مملوكة لمالكي الجامعة قيد الحجز التحفظي بينما تواصل الجهات المختصة التحقيقات.
قال الحلبي في بيان: “تؤكد الوزارة استمرارها في مكافحة الفساد بكافة أشكاله، لضمان أن يظل قطاع التعليم العالي نموذجًا للنزاهة والانضباط والجودة”.
إرث من الاستغلال
تتوافق هذه الكشفيات مع تقارير طويلة الأمد تفيد أن عائلة الأسد وحلفاءها حصلوا على درجات علمية عبر الرشوة والنفوذ السياسي. وثقت اليونسكو وجود فساد في منظومة التعليم السورية، مشيرة إلى أن الشهادات غالبًا ما كانت تُباع بدل أن تُكتسب.
كشف تحقيق لصحيفة Courrier International بالتفصيل كيف راكم أفراد من عائلة الأسد مؤهلات مزيفة، أحيانًا في مجالات مثل الطب والقانون، رغم افتقارهم للمعرفة اللازمة. واستذكر الناشط السوري رياض ترك كيف أظهر بشار الأسد اهتمامًا أكبر بالمال منه بالتعاون العلمي خلال اجتماعات رسمية. وأشار التقرير إلى أن أحد أفراد العائلة ادعى مؤهلًا طبيًا لكنه “لم يكن يعرف الفرق بين البواسير والغدة الدرقية”.
لقد أضعفت مثل هذه الممارسات مصداقية الجامعات السورية لعقود، فخلقت ثقافة يُشترى فيها التأهيل الأكاديمي وتُهيمن فيها السلطة على “النجاح الأكاديمي” أكثر من الجدارة.
إعادة بناء النزاهة في الجامعات
يقول مسؤولو الجامعة إن التغييرات تهدف إلى حماية سمعة المؤسسة بعد الكشف سابقًا عن شهادات مزورة متداولة في تركيا ودول الخليج. أفاد نائب رئيس الجامعة عباس صندوق بأنه كشف 70 شهادة مزورة في عام 2014، بينما يتلقى الإداريون الآن مئات الطلبات سنويًا للتحقق من مؤهلات الخريجين.
يؤكد المسؤولون أن مكافحة الفساد ليست محصورة بمقاضاة التجاوزات السابقة فقط، بل تشمل أيضًا إعادة تشكيل الثقافة الأكاديمية. ومن خلال الجمع بين المساءلة القانونية وتطبيق وسائل حديثة للحماية من التزوير، تأمل الوزارة في حماية الطلاب وضمان بقاء التعليم العالي ركيزة أساسية في خدمة المجتمع والتنمية الوطنية.
كما قال الوزير الحلبي: “هدف الوزارة هو الحفاظ على سمعة مؤسساتنا التعليمية وصون نزاهة التعليم العالي كركيزة أساسية في خدمة طلابنا ومجتمعنا”.