
أصدر الرئيس أحمد الشرع في أيار الماضي مرسومًا بتأسيس الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية، وهي هيئة مكلفة بالتحقيق في الانتهاكات السابقة، ومحاسبة المرتكبين، وتعزيز المصالحة الوطنية. وقد عيّن المرسوم عبد الباسط عبد اللطيف رئيسًا لها، إلى جانب 12 عضوًا آخرين، من بينهم زهرة نجيب البرازي نائبة للرئيس.
تتألف الهيئة من لجان متخصصة بالتحقيق، والعدالة، وجبر الضرر، والمصالحة، مع مكاتب فنية داعمة للأعمال القانونية وحماية الشهود وإدارة البيانات. ويؤكد تفويضها على “كشف الحقيقة حول الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها النظام السابق، ومحاسبة المسؤولين عنها، وجبر الأضرار التي لحقت بالضحايا، وترسيخ مبادئ عدم التكرار والمصالحة الوطنية”.
ورحب وزير العدل، مظهر الويس، بتشكيل الهيئة، وعلق مؤخرًا بالقول: “إن تحقيق العدالة يتطلب تضافر جهود الجميع، من مؤسسات رسمية، ومجتمع مدني، وضحايا، ومنظمات معنية”.
لقاءات مع منظمات حقوق الإنسان
سعت الهيئة إلى بناء شراكات مع المجتمع المدني. ففي الثاني من أيلول، التقى عبد اللطيف وعدد من أعضاء اللجنة في دمشق بفضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان (SNHR)، وفريقه.
دار النقاش حول العدالة الانتقالية وتحديات تنفيذها في سوريا. وقد عرض عبد الغني رؤية الشبكة، مؤكدًا أن العدالة الانتقالية يجب أن تبقى مسارًا وطنيًا يضع الضحايا في الأولوية. كما أكد استعداد الشبكة لإتاحة قاعدتها البياناتية التي تضم آلاف الانتهاكات الموثقة منذ 2011.
وقالت الشبكة في بيان لها عقب اللقاء: “إن العمل التكميلي بين المؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني أمر أساسي لضمان الفعالية والسرعة في الإنجاز”.
من جانبه، شدد عبد اللطيف على أن عمل الهيئة يجب أن يبدأ من الاعتراف بحقوق الضحايا وكشف الحقائق التاريخية وضمان المشاركة الواسعة. وأكد أن الهيئة تهدف إلى “بناء شراكات استراتيجية مع الكيانات الحقوقية السورية ذات الخبرة في التوثيق والعمل الميداني”.
التزام بالتنسيق المستمر
اتفق الطرفان على عقد اجتماعات منتظمة وتوسيع التعاون خلال الأشهر المقبلة. وفي ختام الجلسة، أعربت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن تقديرها لانفتاح الهيئة على الحوار، ووصفت اللقاء بأنه خطوة بنّاءة نحو بناء “مسار عدالة شامل يخدم المجتمع السوري”.
وتشير تحركات الهيئة المبكرة إلى نيتها ترسيخ عملها على أساس التعاون مع منظمات تمتلك خبرة طويلة في توثيق الانتهاكات. وما إذا كانت هذه الشراكات ستترجم إلى تقدم ملموس يبقى سؤالًا مفتوحًا، لكن الالتزام المعلن بحقوق الضحايا والمساءلة والمصالحة يضع المجتمع المدني في صميم عملية العدالة الانتقالية في سوريا.