
وصل وفد روسي رفيع المستوى إلى دمشق يوم الثلاثاء مع تحرك الحكومة السورية الجديدة وموسكو لإعادة تعريف العلاقة بينهما عقب سقوط نظام الأسد. ترأس الوفد نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك، الذي استقبله في مطار دمشق الدولي ماهر الشرع، الأمين العام لرئاسة الجمهورية. وشملت الزيارة محادثات في قصر تشرين تناولت التعاون الاقتصادي والأمني والسياسي.
تُعد هذه الزيارة الثانية لمسؤول روسي رفيع منذ الإطاحة بنظام الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي. وتأتي في إطار التحضيرات لزيارة الرئيس أحمد الشرع المقررة إلى موسكو في تشرين الأول/أكتوبر للمشاركة في القمة العربية-الروسية، والتي وصفها نوفاك بأنها محطة محورية لمستقبل العلاقات الثنائية.
سوريا تضع شروط التعاون
قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إن دمشق تسعى إلى علاقة مع روسيا تقوم على الشفافية والسيادة والمساواة. وأضاف: “علاقتنا مع روسيا عميقة ومرت بمراحل من الصداقة والتعاون، لكن التوازن فيها لم يكن حاضراً، وأي وجود أجنبي على أرضنا يجب أن يكون لمساعدة الشعب السوري على بناء مستقبله”، وفق ما نقلته وسائل الإعلام الرسمية.
ورحب الشيباني بمشاركة روسيا في إعادة الإعمار وقطاعات الطاقة والزراعة والصحة “على أسس عادلة وشفافة”، مؤكداً أن الاستقرار سيفتح مزيداً من فرص التعاون ويضعف احتمالات الفوضى والإرهاب. كما أشار إلى أن سوريا ورثت إرثاً ملوثاً من النظام المخلوع، بما في ذلك برنامجه الكيميائي المدان دولياً، موضحاً أن الحكومة الحالية تعاونت مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية “لإثبات أنها دولة تسعى للسلام”.
روسيا تبدي نيتها لشراكة طويلة الأمد
أكد نوفاك أن زيارة وفده تهدف إلى “مناقشة بعض الاتجاهات المهمة للتعاون الثنائي”، مشيراً إلى استعداد موسكو للدخول فيما وصفه بـ “مرحلة تاريخية جديدة” مع سوريا. وأضاف: “نأمل أن تستمر هذه العلاقة في النمو لما فيه مصلحة الشعبين والبلدين”.
وشدد المسؤول الروسي على احترام حكومته لسيادة سوريا ووحدة أراضيها، لافتاً إلى أن موسكو تستعد لاستقبال الرئيس الشرع، واصفاً القمة المقبلة بأنها فرصة مهمة لبناء الاستقرار الإقليمي. وضم الوفد كبار المسؤولين من وزارات البناء والدفاع والخارجية الروسية، وفق وكالة تاس.
التوترات الإقليمية تبرز في المحادثات
استغل الشيباني المناسبة لتسليط الضوء على التهديدات الأمنية المستمرة، ولا سيما الغارات الإسرائيلية المتكررة داخل سوريا. واعتبرها “تهديداً مباشراً لاستقرار المنطقة”، متهماً إسرائيل بمحاولة فرض “واقع تقسيمي” على الأراضي السورية.
وجاءت زيارة الثلاثاء استكمالاً لاتصالات سابقة، منها زيارة الشيباني إلى موسكو في 31 تموز وزيارة نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف إلى دمشق في كانون الثاني. وإلى جانب المحادثات الدبلوماسية، عقد مسؤولو الدفاع في البلدين اجتماعات لمراجعة التنسيق الأمني ومستقبل التعاون العسكري، شملت نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف ووزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة، اللذين التقيا سابقاً بموسكو في تموز.
ووصف المسؤولون هذه الحوارات بأنها تركز على ضمان الاستقرار وحماية السيادة السورية وتقييم دور روسيا في الترتيبات الأمنية المرتبطة بإعادة الإعمار. وأكد الجانبان أن هذه الجهود تهدف إلى رسم مسار مغاير لتحالف موسكو السابق مع نظام الأسد، الذي دعمته روسيا عسكرياً منذ 2015 حتى انهياره في 2024.