
وتكثّفت جهود السلطات في جنوب سوريا للحد من العنف الناتج عن الانتشار الواسع للسلاح غير المرخّص، حيث بدأت قيادة الأمن الداخلي في درعا مطلع أيلول الجاري حملة لمصادرة الأسلحة في عموم المحافظة، بعد تصاعد حوادث الاغتيال والسرقات وحالات الوفاة الناتجة عن الرصاص الطائش.
وقال مسؤولون أمنيون إن معظم عمليات القتل نُفذت عبر هجمات “إطلاق نار من سيارات أو دراجات نارية” استهدفت قادة فصائل سابقين وناشطين ومدنيين. وشهد الأسبوع الأول من أيلول محاولة اغتيال منيف القَدّاح، القائد السابق في حركة أحرار الشام، إضافةً إلى مقتل محامٍ كان قد عمل سابقًا في لجنة شرعية.
وبحسب تجمع أحرار حوران، فقد قُتل 52 شخصًا في 80 عملية اغتيال ومحاولة اغتيال خلال النصف الأول من عام 2025، بينما توفي 47 آخرون – بينهم خمسة أطفال وثماني نساء – نتيجة الرصاص العشوائي والنزاعات العشائرية وانتشار السلاح.
الإجراءات القانونية والتحذيرات العامة
أعلنت قيادة الأمن الداخلي عن تعليمات جديدة تحظر إظهار أو استخدام الأسلحة في التجمعات العامة، محذّرة من أنّ المخالفين سيواجهون “إجراءات قانونية رادعة دون أي تساهل”. ودعت القوة السكان إلى التعاون مع السلطات والإبلاغ عن أي نشاط مسلح.
ووصف المحامي المتخصص بالقانون الجنائي عمّار الخطيب المشكلة بأنها “من أخطر التحديات على السلم الأهلي”، موضحًا أن حيازة السلاح غير الشرعي، خصوصًا حين يرتبط بعمليات اغتيال، يُعدّ “إرهابًا داخليًا” بموجب القانون رقم 14 لعام 2022، الذي تصل عقوباته إلى السجن لمدة 20 عامًا.
اعتقالات لرموز من النظام السابق
في موازاة ذلك، واصلت الأجهزة الأمنية ملاحقة بقايا نظام الأسد المتهمين بارتكاب جرائم حرب وعمليات إرهابية. ففي اللاذقية، أعلنت وزارة الداخلية إلقاء القبض على عُبادة مصطفى عبد الرحيم، المتهم بالمشاركة في تهجير المدنيين وارتكاب مجازر في إدلب.
كما أكد اللواء عبد العزيز الأحمد، رئيس قوى الأمن الداخلي في اللاذقية، اعتقال جعفر صفير علي السلّوم في 4 أيلول، والمتهم بارتكاب العديد من الجرائم بينها التجسس لصالح جهات أجنبية.
وفي إدلب، اعتقلت الأجهزة الأمنية ساهر الحسن، الضابط السابق في المخابرات الجوية، والمتهم بالتعذيب والخطف وعمليات القتل خارج نطاق القانون في حمص، حيث ربطت شهادات بينه وبين مخططات ابتزاز وانخراطه في ميليشيات موالية للنظام المخلوع.
جهود مكافحة الإرهاب شرق سوريا
وفي دير الزور، اعتقلت وحدات الأمن الداخلي في 7 أيلول القيادي في تنظيم داعش المعروف بـ “أبو حسين الإداري”، وفقًا لمصادر نهر ميديا. وقال المحققون إنه كان مسؤولًا عن الإمداد المالي واللوجستي ودفع مخصصات لعائلات مقاتلين قُتلوا في المعارك. وجاء الاعتقال بعد هجوم انتحاري في 22 آب الفائت استهدف حاجزًا أمنيًا في الميادين وأودى بحياة عنصر.
وكان فلاديمير فورونكوف، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، قد أبلغ مجلس الأمن الشهر الماضي بأن تنظيم داعش ما يزال “يشكّل تهديدًا نشطًا”، إذ يتخذ من بادية سوريا ملاذًا له، محذرًا من أن الظروف السيئة في مخيمات النزوح قد تسهم في تغذية التطرف.
من درعا إلى دير الزور، تبرز هذه العمليات الأمنية كجزء من محاولات الحكومة استعادة النظام بعد سنوات من الصراع. ويؤكد المسؤولون أن السيطرة على السلاح ومحاسبة المتورطين في الجرائم السابقة تبقى أساسية لضمان الاستقرار على المدى الطويل.