في أول مقابلة له مع الإخبارية منذ توليه منصبه، استعرض الرئيس السوري أحمد الشرع رؤيته لتعافي البلاد، وتناول سلسلة من التحديات المحلية والدولية. من إعادة بناء الاقتصاد والنازحين إلى المفاوضات مع إسرائيل وتحول التحالفات الإقليمية، وصف الشرع المرحلة الحالية في سوريا بأنها انتقالية وحاسمة. ووصف الأشهر التسعة التي انقضت منذ سقوط النظام السابق بأنها فرصة تاريخية لإعادة تشكيل السياسة والاقتصاد والعلاقات الخارجية لسوريا.
وأكد الشرع على أهمية إصلاح النظامين القضائي والتعليمي لتحقيق التعافي الاقتصادي. وقال: “إصلاح النظام القضائي يعود بالنفع المباشر على الاقتصاد، وإصلاح النظام التعليمي وتنمية الموارد البشرية هما رأس المال الأكبر للاقتصاد”.
وأشار الرئيس إلى أن سوريا أطلقت خلال الأشهر التسعة الماضية حوالي 1150 خط إنتاج جديد، وأعادت تشغيل المصانع المتوقفة. وأضاف أن صندوق التنمية السوري يُعطي الأولوية حاليًا للنازحين، من خلال إعادة تأهيل المدن والمجتمعات الريفية المدمرة، وتقديم قروض للمزارعين لتعزيز الإنتاج الزراعي.
الاستثمار كبديل للمساعدات
وقال الشرع إن إعادة الإعمار يجب أن تبدأ بما هو متاح، مع تجنب الاعتماد على “القروض المُسيّسة”. وبدلًا من ذلك، سلّط الضوء على الاستثمار الأجنبي كمفتاح للاستقرار وخلق فرص العمل. وأضاف أن جغرافية سوريا تضعها في قلب التجارة والاتصالات العالمية، ويمكنها توفير الأمن لسلاسل التوريد والتجارة العالمية من خلال الطرق البرية و6000 كيلومتر من خطوط الإنترنت التي تربط الشرق بالغرب.
وقال: “إن حركة الاستثمار ورأس المال داخل سوريا تنعكس في جميع القطاعات، كما أن انفتاح سوريا على الاستثمار الأجنبي يوفر لها أيضًا أسواقًا خارجية”، مشيرًا إلى الدعم الدولي الأخير. وأضاف الشرع أن الولايات المتحدة أبدت اهتمامها بالاستثمار بالداخل السوري.
محادثات أمنية وتحولات في التحالفات
فيما يتعلق بالأمن الإقليمي، أكد الشرع أن المفاوضات جارية مع إسرائيل بشأن العودة إلى بنود اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974. وأكد أن الغارات الجوية الإسرائيلية على المواقع السورية “غير مبررة”، مشددًا على التزام سوريا بالحفاظ على الاستقرار على طول حدودها.
أدى سقوط نظام الأسد إلى تحول في التحالفات، مما أدى إلى فتور العلاقات مع إيران، وتباطؤ تعزيز العلاقات مع الغرب وروسيا ومصر ولبنان. وقال الشرع إن سوريا تمكنت من “التوفيق بين التناقضات العالمية” من خلال دبلوماسية “على قدم المساواة” منذ تحريرها في ديسمبر الماضي، والذي وصفه بأنه نقطة تحول في المنطقة.
الخلافات الداخلية والوحدة الوطنية
تناول الشرع التوترات في السويداء بين الدروز والبدو، مشيرًا إلى أخطاء ارتكبتها جميع الأطراف. وقال إن الحكومة تدخلت لوقف إراقة الدماء وشكلت لجانًا لتقصي الحقائق لضمان المساءلة. فيما يتعلق بشمال شرق سوريا، رفض الرئيس دعوات اللامركزية أو التقسيم، مؤكدًا أن “سوريا لن تتنازل عن شبر واحد من أرضها”. وركزت المفاوضات مع قوات سوريا الديمقراطية على دمج القوات الكردية في الجيش الوطني، لكنه أقر بوجود تأخيرات في التنفيذ.
نحو التعددية السياسية وحرية الإعلام
تعهد الرئيس بدعم الحريات الإعلامية الواسعة مع ضمان وجود قوانين تُنظّم العمل السياسي. وقال: “لسنا في زمن يُقرر فيه الرئيس كل شيء، ولا أريد أن تكون سوريا كذلك”. وأكد أن التعددية وتنوع الآراء السياسية أمر طبيعي لمستقبل سوريا.
واختتم الشرع كلمته بنبرة متفائلة، معربًا عن تفاؤله بشأن التحسينات التدريجية. وقال: “ما نحتاجه هو الصبر والثقة، وأن نكون موضوعيين في عرضنا”.