
يبدو أن سوريا وإسرائيل على وشك التوصل إلى اتفاق تمهيدي لـ”خفض التصعيد” قد يشكل الخطوة الأولى نحو تنظيم الأمن على حدودهما المشتركة، بحسب ما أفاد مسؤولون أمريكيون ووسائل إعلام إقليمية هذا الأسبوع.
قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توم باراك، يوم الثلاثاء 23 أيلول/سبتمبر، إن الاتفاق المحتمل سيقضي بوقف الهجمات الإسرائيلية مقابل امتناع سوريا عن نشر معدات ثقيلة قرب مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل. وأوضح باراك، في تصريحات على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أن المحادثات تُجرى بـ”نية حسنة”، لكنه أقر بوجود تأخير بسبب بطء التقدم وعطلة رأس السنة اليهودية.
تأتي هذه المناقشات بعد أشهر من تصاعد العنف. فمنذ كانون الأول/ديسمبر، عندما أطاحت قوى الثورة بنظام بشار الأسد، نفذت إسرائيل أكثر من ألف غارة جوية و400 توغل بري داخل الأراضي السورية، وفقاً لما ذكره الرئيس أحمد الشرع. كما حركت إسرائيل قواتها إلى مسافة 12 ميلاً فقط من دمشق، متخلية فعلياً عن اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 التي أبقت الجبهة هادئة نسبياً لعقود.
نتنياهو يؤكد الشروط الإسرائيلية
أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن المفاوضات جارية، لكنه شدد على أن أي اتفاق يجب أن يضمن “مصالح إسرائيل”. وقال مكتبه إن هذه المصالح تشمل “نزع السلاح من جنوب سوريا” و”حماية الطائفة الدرزية هناك”، بحسب ما نقلته رويترز.
وأفادت شبكة “أكسيوس” أن المسؤولين الإسرائيليين طرحوا خريطة أمنية على غرار معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، تقضي بتوسيع المنطقة العازلة داخل الجانب السوري، ومنع وجود أسلحة ثقيلة قرب الحدود، وإنشاء منطقة حظر طيران للطائرات السورية بين دمشق وإسرائيل.
وذكرت صحيفة “معاريف” أن هناك جهوداً متسارعة لعقد قمة “تاريخية” تجمع نتنياهو والشرع والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض الأسبوع المقبل. ورغم عدم تأكيد ذلك، فإن مثل هذا الاجتماع سيكون الأول منذ عقود الذي يجلس فيه قادة الطرفين وجهاً لوجه.
دمشق تبدي الحذر
أعرب الرئيس أحمد الشرع عن تشككه في نوايا إسرائيل. وبينما وصف المحادثات بأنها ضرورية، اتهم إسرائيل باستغلال الفترة الانتقالية الهشة في سوريا من خلال غارات وتوغلات متكررة.
واستبعد الشرع أي تطبيع أو مفاوضات سلام في الوقت الراهن، مؤكداً أن أي اتفاق يجب أن يحترم السيادة السورية ويخضع لرقابة الأمم المتحدة. وأضاف في قمة “كونكورديا”: “إذا نجحت الهدنة والتزمت إسرائيل بما يُتفق عليه، فربما تتقدم المفاوضات”.
وعلى الرغم من استمرار حالة عدم الثقة، يقول المسؤولون الأمريكيون إن الزخم يتزايد. ونقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عن مصدر في إدارة ترامب قوله إن الاتفاق “مكتمل بنسبة 99%”، ولم يتبق سوى تحديد التوقيت والاعتبارات السياسية في دمشق قبل الإعلان عنه.
وإذا ما تم التوصل إليه، فلن يحل الاتفاق عقوداً من الصراع، لكنه قد يخفف التوتر على واحدة من أكثر الجبهات توتراً في المنطقة.