
اختتم الرئيس السوري أحمد الشرع أول زيارة له إلى الولايات المتحدة بخطاب تاريخي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وسلسلة لقاءات وصفتها مصادر رسمية بأنها إشارة إلى عودة سوريا إلى الساحة الدولية بعد عقود من العزلة.
خطاب تاريخي أمام العالم
أصبح الشرع أول رئيس سوري يلقي خطاباً أمام الجمعية العامة منذ عام 1967، حيث قال في كلمته:
“ها هي سوريا اليوم تعود إلى موقعها الذي يليق بها بين أمم العالم”، موجهاً الشكر لتركيا وقطر والسعودية ودول عربية وإسلامية أخرى، إلى جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لدعمهم سوريا خلال سنوات الأزمة.
ووصف القائم بالأعمال الأوروبي في سوريا، ميخائيل أونماخت، الظهور بأنه “خطوة مهمة جداً”، مؤكداً في منشور على منصة X أنه يفتح الباب أمام “مرحلة جديدة على الساحة الدولية”. كما رحبت وزارة الخارجية الأمريكية بمشاركة سوريا، مؤكدة دعمها لوحدة البلاد وحوارها مع إسرائيل نحو تسوية دبلوماسية.
استئناف العلاقات الدبلوماسية مع أوكرانيا
ومن أبرز التطورات لقاء الشرع بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يوم الخميس 25 أيلول/سبتمبر، حيث وقّع وزير الخارجية أسعد الشيباني ونظيره الأوكراني أندريه سيبيا اتفاقاً لاستئناف العلاقات الدبلوماسية، منهياً سنوات من القطيعة التي سادت في عهد نظام الأسد.
زيلينسكي اعتبر القرار، عبر منشور على منصة X، خطوة نحو “الاحترام والثقة المتبادلة”، مؤكداً استعداد أوكرانيا لدعم سوريا في “مسيرتها نحو الاستقرار”. ووصفت الخارجية السورية الخطوة بأنها جزء من سياسة انفتاح أوسع تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية والإنسانية.
أسبوع دبلوماسي مكثف
استغل الشرع ووزير الخارجية الشيباني الأسبوع لعقد لقاءات مع عشرات المسؤولين. فقد أجرى الوزير محادثات مع مسؤولين من روسيا والأردن وبولندا وسنغافورة والبحرين ومصر وألمانيا والبرازيل واليونان وقبرص وهولندا وسلوفينيا، كما شارك في اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، واجتمع مع وكالات إنسانية مثل اليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية.
ومن منظور واشنطن، كانت مشاركة الوفد السوري ذات دلالة كبيرة. فقد صرّح المبعوث الأمريكي الخاص توم باراك لوكالة الأناضول بأن الولايات المتحدة رفعت العقوبات بناءً على طلب شركائها الإقليميين وستدعم الجهود الرامية إلى تشكيل حكومة مركزية تحمي تنوع سوريا. وأشاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالشرع واصفاً إياه بـ”الرجل المسؤول الذي يعمل من أجل سوريا”، مؤكداً أن رفع العقوبات يهدف إلى “منح سوريا فرصة للتنفس”.
طي صفحة الماضي
وبعد لقائه الشرع، شدد الأمين العام غوتيريش على ضرورة إجراء حوار شامل لدفع العملية السياسية في سوريا.
وأشار محللون إلى أن ظهور الشرع كان أيضاً بمثابة حملة علاقات عامة، حيث اعتبرت مايا أونغار من مجموعة الأزمات الدولية أنه “طريقة لتقديم سوريا الجديدة إلى المجتمع الدولي الأوسع”.
أما بالنسبة للسوريين الذين تابعوا المشهد من خارج حواجز الأمم المتحدة الأمنية، فقد كان الحدث ذا رمزية عميقة. وقالت أونغار: “كانت هناك دموع وإحساس بالفرح بأن الوقت قد حان أخيراً لفتح صفحة جديدة لسوريا”.
