
تعثرت الجهود الرامية إلى تأمين اتفاق أمني تاريخي بين إسرائيل وسوريا هذا الأسبوع، بعدما أعقب خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتشدد في الأمم المتحدة تقارير عن توقف المحادثات بسبب مطالبة إسرائيل بإنشاء “ممر إنساني” إلى جنوب سوريا.
خطاب نتنياهو المتعنت
يوم الجمعة، استخدم نتنياهو منصة الجمعية العامة للدفاع عن حرب إسرائيل المستمرة في غزة وأكد أنه يمكن أن تنجح المفاوضات مع سوريا. وقال: “لقد بدأنا مفاوضات مع الحكومة السورية الجديدة، وأؤمن بإمكانية إبرام اتفاق سلام معها”. وأضاف أن أي ترتيب يجب أن يحافظ على سيادة سوريا مع ضمان مصالح إسرائيل، خصوصاً “أمن” أقلية الدروز في سوريا وإسرائيل.
جاءت تصريحاته فيما غادر العديد من المندوبين القاعة، بينما اتهم متظاهرون في الخارج إسرائيل بارتكاب جرائم حرب. وأصر نتنياهو على أن إسرائيل لن ترضخ للضغوط، معتبراً غزة “الجبهة الأخيرة” ضد حماس، وربط الحملة العسكرية الأوسع لإسرائيل بالفرص الدبلوماسية الناشئة مع الدول العربية وحتى دمشق.
مطلب الممر يعرقل التقدم
لكن خلف الأبواب المغلقة، تعثرت المحادثات. فقد أفادت وكالة رويترز يوم الجمعة أن المفاوضين الإسرائيليين أعادوا طرح طلب إنشاء ممر بري من إسرائيل إلى محافظة السويداء جنوب سوريا، وهي موطن الطائفة الدرزية. ورفضت سوريا الاقتراح واصفة إياه بأنه انتهاك للسيادة.
وأكد مسؤولان إسرائيليان ومصدر سوري ومصدر في واشنطن حالة الجمود، قائلين إن الخلاف أدى إلى إفشال خطط إعلان اتفاق خلال اجتماعات نيويورك. وقال مسؤول سوري لرويترز إن المناقشات قبل الجمعية العامة كانت “إيجابية”، لكن لم تجرِ أي اتصالات مباشرة هذا الأسبوع.
من اتفاق أمني إلى خفض التصعيد
قال المبعوث الأمريكي توم باراك، الذي توسط في محادثات استمرت لأشهر في باكو وباريس ولندن، في وقت سابق من الأسبوع إن واشنطن خفضت توقعاتها من اتفاق أمني واسع إلى “اتفاق خفض تصعيد” أضيق. وبموجب هذا الترتيب، ستوقف إسرائيل غاراتها الجوية مقابل تعهد دمشق بعدم تحريك معدات عسكرية ثقيلة قرب الحدود. ووصف باراك الاتفاق بأنه “خطوة أولى” نحو ترتيبات أمنية أوسع.
أبدى الرئيس السوري أحمد الشرع حذره في قمة كونكورديا في نيويورك قائلاً: “نحن نتجه نحو الهدوء وتُمنح سوريا فرصة للبناء، وإذا نجحت الهدنة وكان هناك التزام من إسرائيل بما يتم الاتفاق عليه، قد تتطور المفاوضات”.
تصاعد التوترات على الأرض
حتى مع تبادل الدبلوماسيين المقترحات، استمرت التوغلات الإسرائيلية في جنوب سوريا. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) يوم الجمعة بتقدم آليات مدرعة وجرافات في القنيطرة، ووصفت العمليات بأنها انتهاكات لاتفاق فصل القوات لعام 1974. وقالت مصادر محلية إن دوريات إسرائيلية دخلت أيضاً قرى في درعا، بينما حلقت طائرات حربية ومسيرات فوق عدة محافظات.
وقال مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة إبراهيم علبي لقناة العربية إن المحادثات دخلت “مرحلة متقدمة” لكنه ألقى بالمسؤولية على إسرائيل. وأضاف: “الكرة في ملعب إسرائيل”.
وعلى الرغم من تفاؤل المسؤولين الأمريكيين بأن الاتفاق “اكتمل بنسبة 99%”، فإن مطلب الممر غير المحسوم والأنشطة العسكرية المستمرة يبرزان مدى هشاشة العملية.
