
بعد أكثر من ستة أشهر على توقيع اتفاق 10 آذار لدمج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في مؤسسات الدولة السورية، تتزايد المؤشرات على تردّد قسد في تنفيذ التزاماتها، ما يثير تساؤلات حول جدّيتها ومستقبل المرحلة الانتقالية الهشّة في سوريا.
اتفاق موقّع دون تقدّم في التنفيذ
وُقِّع الاتفاق في دمشق بين الرئيس أحمد الشرع وقائد قسد مظلوم عبدي، ووُصف حينها بأنه تحول سياسي مهم. نصّ الاتفاق على دمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا، وتقديم ضمانات دستورية للأقليات، وعودة سيطرة الدولة على المعابر الحدودية والمطارات والمنشآت النفطية.
إلا أن مسار التنفيذ تعثّر. فبرغم تطمينات ممثلي قسد، اندلعت اشتباكات في ريف حلب. وفي 24 أيلول، أكدت وزارة الدفاع السورية مقتل جنديين بنيران قسد في دير حافر، متهمةً إياها بـ”استهداف المدنيين والعسكريين بشكل منهجي”. وكرّرت وزارة الدفاع التركية الاتهام في 25 أيلول، معتبرة أن “قسد لا تلتزم باتفاق 10 آذار … وهذا يهدد السلام والاستقرار الإقليمي”.
رسائل متضاربة من قادة قسد
تصريحات مسؤولي قسد عكست تناقضات واضحة. فقد قال ياسر السليمان، المتحدث باسم وفد الإدارة الذاتية المفاوض، في 26 أيلول إن “جميع اللجان جاهزة” وأكد ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية.
لكن فرهاد شامي، مدير المركز الإعلامي لقسد، صرّح لقناة روجافا في اليوم نفسه بأن دمشق “غير مستعدة لاستقبال تنظيم عسكري واجتماعي وإداري منظم مثل قسد”، متهماً الحكومة بمحاولة “تفكيك قسد تحت غطاء الدمج”، ومؤكداً أن قسد “أكثر من مجرد فصيل عسكري”.
تصاعد الضغوط الدولية
أثار الجمود قلقاً دولياً. ففي الجمعية العامة للأمم المتحدة، حذّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الشرع من أن فشل دمج قسد بحلول كانون الأول قد يدفع أنقرة إلى عمل عسكري، مؤكداً مطلب “دولة واحدة وجيش واحد” بما يتوافق مع موقف دمشق الرافض لوجود قوى مسلحة موازية.
كما عبّر مسؤولون سوريون عن استيائهم، حيث قال مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة إبراهيم علبي لقناة روداو إن تأخر التنفيذ “مخيّب للآمال”، محذراً من أن “طموحات قسد اللامركزية” قد تؤدي إلى الانقسام. من جانبه، انتقد الرئيس الشرع خلال قمة كونكورديا في 22 أيلول بطء خطوات قسد، واعتبر أن الدعوات إلى اللامركزية تحمل “أبعاداً انفصالية”.
أفعال تُقوّض الحوار
تزيد التوترات السياسية في مناطق الإدارة الذاتية من الشكوك. ففي 25 أيلول، تعرّض مكتب المجلس الوطني الكردي (ENKS) في عامودا لحريق كبير اعتبرته مصادر محلية هجوماً متعمداً نفذته “تنظيمات الشباب الثوري” المرتبطة بحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، وذلك بعد قبول المجلس دعوة للقاء الشرع، وهي خطوة عارضتها قسد.
ومع اقتراب انتهاء المهلة واستمرار العنف، يواجه اتفاق 10 آذار خطر الانهيار. وبينما يتبادل الطرفان الاتهامات، تشير أفعال قسد، من الاشتباكات المسلحة إلى عرقلة خصومها الأكراد، إلى تردّد في تفكيك هياكلها الذاتية، مما يترك وعد الوحدة والاندماج معلقاً دون تحقيق.
