
التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في 25 أيلول/سبتمبر في البيت الأبيض، في محاولة لرأب الصدع في العلاقات المتوترة بين البلدين، حيث تصدّرت ملفات مبيعات السلاح والاتفاقات التجارية والحرب في سوريا جدول المحادثات بين الحليفين في الناتو.
خلافات دفاعية مستمرة
يظل التعاون الدفاعي أحد أكثر الملفات تعقيدًا. إذ تواصل أنقرة المطالبة باستعادة 1.6 مليار دولار استثمرتها في برنامج مقاتلات F-35 قبل أن تُستبعد منه عام 2019 بسبب شراء منظومة الصواريخ الروسية S-400. وأكد أردوغان خلال المؤتمر الصحفي بعد اللقاء أنه ينتظر “خطوات عملية” لرفع العقوبات واستئناف مبيعات المقاتلات، بينما وصف ترامب المناقشات بأنها “بنّاءة”، مشيرًا إلى أن الكونغرس سمح بالفعل ببيع 40 مقاتلة F-16 وحزم تطوير، رغم بقاء بعض جوانب الصفقة محل خلاف.
رؤية مشتركة ولكن غير مريحة في سوريا
وضعت المحادثات الملف السوري في صلب النقاش. وأشاد ترامب بدور أردوغان الذي وصفه بـ“المسؤول” في الإطاحة بـ“الديكتاتور الوحشي بشار الأسد” العام الماضي، مضيفًا أنه رفع العقوبات الأمريكية “لإعطاء سوريا فرصة للتنفس” بناءً على طلب أردوغان.
وأكد أردوغان دعمه للرئيس السوري أحمد الشرع، وشدد على ضرورة حصول دمشق على اعتراف دولي في الأمم المتحدة. وقال إن تركيا تدعم إعادة الإعمار وتريد “لكل السوريين—عربًا، وتركمانًا، وأكرادًا، وسنة، وعلويين، ودروزًا، ومسيحيين—أن يعيشوا جنبًا إلى جنب بسلام”.
لكن الخلافات العميقة ما زالت قائمة بشأن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المرتبطة بحزب العمال الكردستاني. فبينما تعاونت واشنطن مع قسد في محاربة تنظيم داعش، تعتبرها أنقرة منظمة إرهابية وتهدد بعمليات توغل جديدة في شمال سوريا. وأقرّ المبعوث الأمريكي توم باراك، خلال زيارة إلى أنقرة الأسبوع الماضي، بأن الجانبين يتفقان على ضرورة دمج قسد في الجيش السوري وفق اتفاق 10 آذار/مارس لكن “التقدم ما يزال محدودًا”.
تجارة وروابط اقتصادية
أحرز اللقاء تقدمًا في التعاون الاقتصادي، إذ أعلن ترامب عن صفقة محتملة لبيع أكثر من 200 طائرة بوينغ لتركيا، إلى جانب اتفاق مدته 20 عامًا لتوريد الغاز الطبيعي المسال. كما تراجعت التوترات التجارية التي كانت نقطة خلاف في الماضي، فأنقرة رفعت مؤخرًا رسومًا إضافية على الواردات الأمريكية، في حين انخفضت التعريفات الأمريكية على البضائع التركية إلى 15%، وهو من أدنى المعدلات بين الاقتصادات الكبرى.
ووصف أردوغان المحادثات بأنها “ودية وبنّاءة ومثمرة”، بينما اعتبرها ترامب “تاريخية”. ورغم هذا التقدم، تبقى الخلافات حول الدفاع وإسرائيل وسوريا عاملًا يجعل العلاقات الأمريكية-التركية متأرجحة بين الشراكة والمنافسة مع سعي الزعيمين لتشكيل ملامح المرحلة المقبلة في الشرق الأوسط.
