
تُعد مدينتا دمشق وحلب، المصنفتان كموقعين للتراث العالمي من قبل منظمة اليونسكو، من أبرز المدن العريقة التي تشتهر بتراثها المعماري الغني، وأسواقها المزدحمة، وتقاليدها الثقافية النابضة بالحياة. إلا أن الصراع الذي بدأ عام 2011 ألحق أضراراً جسيمة ببنيتهما التحتية ومعالمهما التاريخية.
وفي مواجهة هذه التحديات، أطلقت سوريا واليابان مبادرةً مشتركة تركز على التخطيط العمراني واستراتيجيات الإعمار، تهدف إلى الحفاظ على الهوية التاريخية للمدينتين مع تعزيز التنمية الحضرية المستدامة.
زيارة وفد الوكالة اليابانية للتعاون الدولي إلى دمشق
قام وفد رفيع المستوى من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA) بزيارة مقر المديرية العامة للآثار والمتاحف في دمشق، لبحث سبل تعزيز التعاون بين الجانبين، خصوصاً في مجال التخطيط العمراني للمراكز التاريخية.
وتناولت المناقشات آليات عملية للتعاون في المدينتين القديمتين في دمشق وحلب، لما لهما من أهمية تاريخية وثقافية كبيرة. كما أشار المسؤولون إلى أن كلا المدينتين تواجهان تحديات عمرانية معقدة تتطلب حلولاً متكاملة لحماية هويتهما المعمارية وتحسين ظروف المعيشة للسكان.
حماية التراث الثقافي وبناء مدن مستدامة
تسلّط الزيارة الضوء على تنامي الاهتمام الدولي بجهود إعادة تأهيل وحماية التراث الثقافي السوري، كما تعكس التزام الوكالة اليابانية (JICA) بتقديم الخبرات والدعم الفني في مجالات التخطيط العمراني، وحفظ التراث، وإعادة الإعمار بعد النزاعات — وهي مجالات تمتلك فيها اليابان خبرة تمتد لعقود.
وأكد الجانبان أن التعاون لا يهدف فقط إلى صيانة المواقع التاريخية، بل أيضاً إلى تعزيز الكفاءة الحضرية والاستدامة من خلال التخطيط الشامل، وإعادة تأهيل البنى التحتية، وتشجيع مشاركة المجتمعات المحلية.
نموذج للتعاون الدولي المستقبلي
يمثل هذا التعاون فصلاً جديداً في علاقات سوريا الدولية، ويُظهر كيف يمكن للتعاون العابر للحدود أن يؤدي دوراً حيوياً في التعافي بعد الحرب. ومن خلال الدمج بين الحفاظ على التراث ومبادئ التخطيط الحديث، تسعى المبادرة إلى تحويل دمشق وحلب إلى نماذج للتجديد الحضري المرن، حيث يتناغم التاريخ والحداثة في آنٍ معاً.
