
توسّع وزارة الداخلية السورية وقيادات الأمن المحلية إجراءات الإصلاح الهادفة إلى تعزيز المساءلة واستعادة ثقة الجمهور بالمؤسسات الأمنية، في وقت تواجه فيه الحكومة تحدياً موازياً يتمثل في انتشار القصص الملفقة على وسائل التواصل الاجتماعي التي تستهدف سمعة القوى الأمنية السورية.
في الأسابيع الأخيرة، أعلنت قيادة قوى الأمن الداخلي في اللاذقية عن افتتاح مكتب جديد لاستقبال شكاوى المواطنين حول سلوك عناصر الأمن. وقال العميد عبد العزيز الأحمد، قائد قوى الأمن الداخلي في المحافظة، إن المكتب سيبدأ عمله في 19 تشرين الأول باعتباره “جهة رسمية مخصصة لاستقبال الملاحظات والشكاوى” من المواطنين.
وأوضح الأحمد في بيان نشرته محافظة اللاذقية أن “هذه الخطوة تأتي انسجاماً مع توجيهات وزارة الداخلية لتعزيز الثقة بين المواطنين والمؤسسة الأمنية”، مشدداً على أن التعاون بين المدنيين وجهات إنفاذ القانون “يسهم في دعم عملية الإصلاح وبناء جسور الثقة”.
وكانت الوزارة قد افتتحت أول دائرة شكاوى للمواطنين في دمشق في 15 حزيران، وتقع خلف مبنى الوزارة القديم في حي المرجة، وتُعد نموذجاً لأربع فروع إضافية مخطط افتتاحها في حلب واللاذقية وحمص ودير الزور. ووفقاً لمكتبها الإعلامي، ستتولى هذه الدوائر “استقبال ومعالجة الشكاوى المقدمة ضد أي عنصر أمني أو شرطي يتجاوز صلاحياته أو يخالف القانون”، لضمان المساءلة داخل المؤسسة.
مكافحة الأكاذيب والتحريض الإلكتروني
في الوقت الذي تتبلور فيه هذه الإصلاحات، تواصل الحكومة مواجهة حملات تضليل تستهدف النيل من سمعة الأجهزة الأمنية.
أحدث الأمثلة تمثلت في مزاعم كاذبة تداولتها صفحات موالية للنظام المخلوع، ادعت أن شخصاً يُدعى “عزام الأحمد” قُتل على يد قوى الأمن في اللاذقية. لكن الصورة المرفقة كانت في الواقع لـ”عزام عماد العبدو”، وهو مواطن سوري يقيم في ألمانيا منذ عام 2016.
وظهر العبدو في مقطع فيديو على صفحته الرسمية في فيسبوك لينفي المزاعم، مؤكداً أنه لم يزر اللاذقية قط. وقال لـ”تلفزيون سوريا”: “أدعو الجميع إلى تحري الدقة في نقل الأخبار وتجنب التحريض وإثارة الفتنة”. وبعد تصريحه، بدأت عدة صفحات بحذف التقارير الكاذبة.
الإصلاح وسط الدعوات لحماية المدنيين
تتوافق هذه الجهود الإصلاحية مع توصيات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، التي دعت الحكومة إلى تعزيز المؤسسات الأمنية وضمان المساءلة عقب حوادث قتل مدنيين على يد مسلحين مجهولين.
وأشار تقرير الشبكة إلى “الحاجة الملحّة لإصلاح المؤسسات الأمنية وتعزيز آليات احترام الحقوق الأساسية وفقاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان”.
ومع خوض سوريا مرحلة معقدة بعد الصراع، تواجه السلطات تحديين متوازيين: تطبيق الإصلاحات من جهة، ومكافحة حملات التضليل التي تقوّض مصداقية المؤسسات واستقرار المجتمع من جهة أخرى.
وتؤكد وزارة الداخلية أن حملة الإصلاح الحالية جزء من جهد وطني أوسع يهدف إلى “حماية الحقوق، وضمان الأمن والاستقرار، وصون كرامة المواطنين في ظل سيادة القانون والمؤسسات”.