
في خطوة مهمة ضمن الدبلوماسية البيئية الإقليمية، أعلنت سوريا عودتها إلى الساحة العربية من خلال عرض استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة التغير المناخي ومعالجة أخطر موجة جفاف تشهدها البلاد منذ عقود.
شاركت سوريا في الاجتماع الأخير لوزراء البيئة العرب الذي عُقد في نواكشوط – موريتانيا، بمشاركة كبار المسؤولين والمنظمات الإقليمية والهيئات البيئية الدولية، لمناقشة التحديات البيئية الملحّة التي تواجه العالم العربي.
وترأس الوفد السوري الدكتور يوسف شرف، معاون وزير الإدارة المحلية والبيئة للشؤون البيئية، الذي عبّر في كلمته عن ارتياحه لمشاركة سوريا في الاجتماعات الوزارية لجامعة الدول العربية بعد غياب دام عقودًا.
وصف الدكتور شرف الواقع البيئي في سوريا بأنه “بالغ السوء”، مشيرًا إلى أن البلاد تمرّ حاليًا بأسوأ موجة جفاف منذ 70 عامًا، إذ انخفض معدل الهطول المطري بأكثر من 50% عن المتوسط السنوي. وعزا هذه الأزمة إلى التغير المناخي العالمي وإلى الممارسات الضارة التي نفذها النظام السابق خلال سنوات الصراع.
الاستراتيجية الوطنية الجديدة لتعزيز القدرة على مواجهة المناخ
استعرض الدكتور شرف توجه الحكومة الجديد في التصدي للتحديات المناخية من خلال سلسلة من الإجراءات الاستراتيجية، موضحًا أن الخطة الوطنية الجديدة تركز على الحد من تدهور البيئة وربط الاتفاقيات الدولية بأهداف التنمية المستدامة لعام 2030.
وأكد نية سوريا الانضمام إلى المبادرات العالمية لمكافحة التغير المناخي والجفاف والتصحر، وتعزيز التعاون مع الشركاء الإقليميين. وقال:
“إن استراتيجيتنا تقوم على الحفاظ على السلام العادل والأمن كمرتكزات لتحقيق التنمية المستدامة. هذه المبادئ ستقود جهود حماية البيئة، والحد من الفقر، وتحسين مستوى المعيشة لشعبنا”.
نحو إطار إقليمي للعمل المشترك
رحّب الوفد السوري بشعار المنتدى لعام 2025 “نحو سياسات بيئية متكاملة لصالح الإنشان”، معتبرًا أنه يوفر إطارًا لدمج الأولويات البيئية مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأوضح الدكتور شرف أن مقاربة سوريا تركز على استعادة النظم البيئية، والتحول إلى الطاقة المتجددة، وتطوير اقتصاد قادر على تحقيق الاستدامة طويلة الأمد.
واختُتم الاجتماع الوزاري بجلسة مشاورات مغلقة بين الوزراء ورؤساء الوفود لمناقشة أوراق العمل البيئية العربية وتنسيق المواقف المستقبلية. وتُعدّ مشاركة سوريا في منتدى نواكشوط محطة مهمة في مسار إعادة اندماجها في الجهود البيئية العربية المشتركة.
وأكد المسؤولون أن هذه المشاركة ستُسهم في توحيد المواقف العربية استعدادًا للمؤتمرات الدولية المقبلة، بما في ذلك الدورة الثلاثون لمؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (COP30) في البرازيل والاجتماع العشرون لمؤتمر أطراف اتفاقية التجارة الدولية بالأنواع المهددة بالانقراض (CITES) في أوزبكستان.
من خلال عرض استراتيجيتها المناخية على الساحة العربية، تؤكد سوريا استعدادها للعودة إلى التعاون الإقليمي والتزامها بمواجهة التحديات البيئية التي تمسّ بشكل مباشر استقرارها وتنميتها المستقبلية.
