
يواصل الرئيس السوري أحمد الشرع زيارته رفيعة المستوى إلى واشنطن يوم الأحد، حيث التقى بممثلين عن الجالية السورية ومسؤولين أمريكيين كبار، وذلك قبيل الاجتماع المغلق المقرر له مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض. وتُعد هذه الزيارة الأولى لرئيس سوري إلى البيت الأبيض، وتشكل نقطة تحول في مساعي البلاد لإعادة الانخراط مع الغرب بعد أكثر من عقد من الحرب والعزلة.
خلال لقائه مع أفراد الجالية السورية في واشنطن، شدد الشرع على أهمية الحفاظ على الروابط الوثيقة بين السوريين في الخارج ووطنهم. وقال وفقاً لبيان رسمي صادر عن الرئاسة السورية:
“يجب على السوريين أن يبقوا مرتبطين بوطنهم وأن يدافعوا عن قضاياه العادلة”.
وحضر اللقاء وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني والمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك، الذي أشاد بدور الجالية السورية في تعزيز العلاقات بين دمشق والمجتمع الدولي. وأوضح الوزير الشيباني للحاضرين أن “الواقعية هي أساس سياسة الحكومة”، واصفاً الإدارة الحالية بأنها “فريق واحد يعمل من أجل سوريا حديثة ومتطورة”.
الإصلاح الاقتصادي يتصدر جدول الأعمال
في وقت سابق من يوم الأحد، التقى الشرع بمديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا في مقر الصندوق بواشنطن، وركز اللقاء على سبل التعاون لدعم تعافي الاقتصاد السوري. وبحسب بيان صادر عن الرئاسة السورية، تناولت المناقشات المساعدة الفنية وبناء القدرات والإصلاح المالي.
وكتبت جورجيفا على منصة X:
“سررت بلقاء الرئيس أحمد الشرع. ناقشنا مسار التحول الاقتصادي الذي يحتاجه الشعب السوري والذي تعمل الحكومة السورية على تحقيقه”.
ووصف وزير المالية السوري محمد يسر برنية الزيارة بأنها “تاريخية”، وكتب على فيسبوك أنها “ستؤثر إيجاباً في تطوير علاقة سوريا مع صندوق النقد الدولي”، مضيفاً أن الحكومة تعوّل على دعم الصندوق لتعزيز الإصلاحات الاقتصادية وتحفيز النمو بعد سنوات من العقوبات والصراع.
تحولات سياسية وحسابات إقليمية
تأتي زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن وسط جدل حول ما إذا كانت دمشق تنتهج دبلوماسية تكتيكية مؤقتة أم تحولاً استراتيجياً أعمق. وقد أشار محللون إلى انفتاح سوريا الأخير على المؤسسات الغربية، بما في ذلك الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي، إلى جانب اتصالات غير معلنة مع جيران إقليميين مثل إسرائيل.
ومنذ سقوط نظام الأسد قبل نحو عام، تتبع دمشق مساراً “براغماتياً” يهدف إلى دبلوماسية متوازنة، إلا أن التساؤلات لا تزال قائمة حول موقفها طويل الأمد من القضايا الحساسة مثل الجولان. ويؤكد المسؤولون في دمشق أن المرتفعات تبقى أرضاً سورية، مع تشديدهم على التزام بلادهم بالأمن الإقليمي.
أما بالنسبة لواشنطن، فمن المتوقع أن تركز القمة المرتقبة على الاستقرار، وإعادة الإعمار، ومكافحة الإرهاب. وكان البيت الأبيض قد أعلن في وقت سابق من الشهر أن ترامب والشرع سيبحثان “التطورات السياسية والجهود المبذولة لإحلال السلام في المنطقة”.
عودة محسوبة إلى الساحة الدولية
وفي كلمته أمام الجالية السورية، تحدث الرئيس السوري عن تقدم بلاده منذ نهاية الصراع قائلاً:
“حققت سوريا إنجازات كبيرة خلال 11 شهراً بعد عزلة طويلة”، مشيراً إلى أن إعادة بناء الوطن تتطلب وحدة السوريين في الداخل والخارج.
ومع سعي سوريا إلى إعادة الاندماج في المؤسسات الدولية ورفع العقوبات تدريجياً، يُتوقع أن تحدد نتائج لقاء الرئيسين ملامح المرحلة القادمة من عودة دمشق إلى الساحة العالمية.
