
في حدث تاريخي، التقى الرئيس السوري أحمد الشرع بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض يوم الاثنين 10 أكتوبر، لمناقشة قضايا أمنية واقتصادية متعددة وتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
واستمر الاجتماع المغلق، الذي عُقد في المكتب البيضاوي، أكثر من ساعة، وكان أول لقاء على الإطلاق بين رئيس سوري ورئيس أمريكي منذ استقلال سوريا عام 1946. ووصف الجانبان المحادثات بأنها “بنّاءة” و”تطلعية”، في إشارة إلى شراكة ناشئة بعد سنوات من العزلة.
وجاءت الزيارة بعد أقل من عام على الإطاحة بنظام الأسد على يد ائتلاف عسكري بقيادة الشرع. وقال الشرع في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” عقب اللقاء:
“دخلت سوريا مرحلة جديدة بعد النظام السابق. ناقشنا مع الرئيس ترامب مستقبل العلاقات ورفع العقوبات، واستكشفنا فرص الاستثمار في سوريا حتى لا يُنظر إليها كتهديد أمني بل كحليف استراتيجي”.
التعاون الاقتصادي وتخفيف العقوبات
بحسب بيان مشترك من حكومتي البلدين، ركّزت المباحثات على إعادة الإعمار والاستثمار والأمن الإقليمي.
وأكدت وزارتا الخزانة والخارجية الأمريكيتان تعليق العقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر لمدة 180 يوماً، في خطوة تفتح الباب أمام استئناف حركة التجارة والمساعدات.
وبات من الممكن تصدير معظم السلع المدنية الأمريكية والبرمجيات والتقنيات إلى سوريا دون الحاجة إلى تراخيص، مع بقاء القيود على المعاملات المرتبطة بروسيا وإيران.
وأشاد ترامب بقيادة الشرع وصمود سوريا خلال مؤتمر صحفي، قائلاً:
“إنه قائد قوي جداً، وأنا أتفاهم معه. سنبذل كل ما بوسعنا لجعل سوريا دولة ناجحة”.
وأضاف أن مزيداً من الإعلانات بشأن سوريا ستصدر قريباً، مؤكداً أن “سوريا جزء كبير ومهم من الشرق الأوسط”.
التنسيق السياسي والأمن الإقليمي
وخلال المحادثات، وقّعت سوريا إعلان تعاون سياسي مع التحالف الدولي لهزيمة داعش، مؤكدة التزامها بالاستقرار الإقليمي.
وأوضح وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى أن الاتفاق ذو طابع سياسي بحت ولا يتضمن أي أبعاد عسكرية.
كما أعلن ترامب دعمه لمساعٍ تهدف إلى صياغة ترتيب أمني مستقبلي يشمل إسرائيل وسوريا، قائلاً:
“نحن نعمل مع إسرائيل للتفاهم مع سوريا ومع الجميع، والأمور تسير بشكل جيد”.
غير أن الشرع استبعد إجراء مفاوضات مباشرة مع إسرائيل في هذه المرحلة بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي للجولان، قائلاً:
“ربما تلعب الولايات المتحدة دور الوسيط في المستقبل، لكن (اتفاقات أبراهام) ليست مطروحة حالياً”.
تجديد العلاقات الدبلوماسية والعدالة الانتقالية
ومن النتائج المهمة أيضاً، قرار الولايات المتحدة إعادة فتح السفارة السورية في واشنطن بعد أكثر من عقد من الإغلاق.
وعقد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني اجتماعاً مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو لوضع خطة تنفيذية للاتفاقات التي تم التوصل إليها.
وقال الشرع إن زيارة سوريا إلى واشنطن “تُدخِل البلاد في مرحلة جديدة من العلاقات الدولية”.
وأكد أيضاً إنشاء هيئة وطنية مستقلة للعدالة الانتقالية لمحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب، بمن فيهم أفراد النظام السابق.
أما ترامب، فاعتبر اللقاء دليلاً على نهجٍ براغماتي تجاه إعادة دمج سوريا في النظام العالمي، قائلاً:
“يمكنكم توقع بعض الإعلانات بشأن سوريا قريباً. نريد أن نرى سوريا دولة ناجحة، وأعتقد أن هذا القائد قادر على تحقيق ذلك”.
