
تجري شركات صناعية أمريكية وألمانية محادثات متقدمة مع سوريا لتزويدها بتوربينات غازية ضمن مشروع ضخم بقيمة سبعة مليارات دولار يهدف إلى إعادة تأهيل قطاع الطاقة الذي دمرته الحرب. وتشمل المحادثات شركة GE Vernova الأمريكية وSiemens Energy الألمانية، وذلك في إطار جهود دولية أوسع لإعادة تأهيل البنية التحتية الحيوية في البلاد بعد أربعة عشر عاماً من الصراع.
تأتي توربينات الغاز ضمن اتفاق بارز وقع في مايو 2025 بين الحكومة السورية وشركة Power International التابعة لمجموعة UCC القطرية. ويتضمن الاتفاق إنشاء أربع محطات توليد كهرباء تعمل بالدورة المركّبة بقدرة إجمالية تقارب 4,000 ميغاواط، إضافة إلى محطة طاقة شمسية بقدرة 1,000 ميغاواط، وهو أحد أكبر الاستثمارات في قطاع الطاقة منذ بداية الحرب.
عشرات مليارات الدولارات في الاستثمارات الأجنبية
يشير دخول الشركات الغربية إلى تحول اقتصادي مهم. ففي يوليو الماضي، أعلن جوناثان باس، الرئيس التنفيذي لشركة الغاز الطبيعي المسال Argent، أن شركته وبالتعاون مع شركات أمريكية أخرى بينها Baker Hughes وHunt Energy، تعمل على إعداد خطة شاملة لتحديث قطاعات النفط والغاز وتوليد الكهرباء في سوريا. ويمثل هذا التعاون أول انخراط كبير لشركات أمريكية في سوريا بعد سنوات من العقوبات والعزلة، مما يعكس نقطة تحول محتملة في عودة سوريا إلى الاقتصاد العالمي.
وتندرج مشاريع الطاقة هذه ضمن موجة أوسع من الاستثمارات الأجنبية التي حصلت عليها دمشق. ففي أغسطس 2025، وقّعت سوريا سلسلة مذكرات استثمار لـ 12 مشروعاً استراتيجياً بقيمة تقترب من 14 مليار دولار. شملت هذه الاتفاقات:
– 4 مليارات دولار مع شركة قطرية لبناء مطار جديد في دمشق.
– 2 مليار دولار لمترو العاصمة بتمويل من جهة استثمارية إماراتية.
– 2 مليار دولار لتطوير أبراج سكنية وتجارية مع شركة إيطالية.
– 6.4 مليارات دولار من اتفاقيات سعودية لمشاريع طاقة وموانئ جديدة.
وخلال جلسة حوارية عقدت مؤخراً في إدلب، أعلن الرئيس أحمد الشرع أن سوريا استقطبت 28.5 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية خلال الأشهر السبعة الأولى من 2025 فقط، متوقعاً أن يتجاوز الرقم 100 مليار دولار بنهاية العام. ووصف هذه الوتيرة بأنها الأساس لانطلاق مرحلة إعادة الإعمار وخلق فرص عمل جديدة.
تحول جذري عن مرحلة النظام السابق
يمثل هذا الزخم الاستثماري تحولاً جذريًا مقارنة بالعقود التي أمضاها النظام السابق، الذي تمت الإطاحة به في أواخر عام 2024. فقد عملت سوريا لسنوات طويلة تحت نظام اقتصادي مركزي وخطط خمسية صارمة، حيث كان النظام يعارض الاستثمار الأجنبي ويعتبره تهديداً لسيطرته السياسية والاقتصادية، ما أبقى البلاد معزولة عن رأس المال العالمي لعقود.
أما اليوم، فالمشهد السياسي المتغير يفتح الباب أمام انفتاح اقتصادي أوسع. وتتجه البلاد نحو شراكات عربية وغربية لإعادة بناء قطاعات الطاقة والبنية التحتية، في إشارة إلى بداية فصل جديد من إعادة دمج سوريا في الأسواق الإقليمية والدولية.
