
في محاولة لإحياء اقتصادها المتضرر من الحرب، أعلنت سوريا عن خطط للتحول إلى مركز إقليمي للغاز الطبيعي. ترتكز الاستراتيجية على مضاعفة الإنتاج المحلي من الغاز، وتطوير الحقول الجديدة، والاستفادة من الشراكات الدولية لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة، وربما استئناف التصدير في المستقبل. وجاء الإعلان على لسان يوسف قبلاوي، المدير التنفيذي للشركة السورية للنفط، الذي قدّم رؤية تركز على زيادة الإنتاج وتوسيع الدور الدولي للشركة.
طموحات للنمو وتعزيز النفوذ الإقليمي
صرّح قبلاوي بأن الشركة تعمل على تطوير الحقول النفطية القائمة واستكشاف حقول جديدة، مؤكدًا أن سوريا تهدف إلى مضاعفة إنتاج الغاز خلال فترة قصيرة. وأوضح أن خططًا ودراسات للتنقيب في مناطق جنوب دمشق دون وسطاء أجانب، وأن خمس مناطق استكشاف جديدة قد تم تحديدها على طول الساحل السوري.
وصوّر قبلاوي هذه الاستراتيجية باعتبارها جزءًا من جهد وطني أوسع، معبّرًا عن ثقته بقدرات الشركة الفنية وطموحها لأن تصبح كيانًا عالميًا قادرًا على الاستثمار داخل سوريا وخارجها. وأضاف أن توسيع إنتاج الغاز سيساهم في رفع مستويات الدخل الفردي وتثبيت موقع سوريا كمركز مهم لتوزيع الغاز إلى أوروبا.
شراكات استراتيجية مع شركات أمريكية
من جهته، أوضح الخبير المالي والمصرفي الدكتور عبد الله قزّاز أن سوريا تنتج حاليًا ما بين ثمانية وتسعة ملايين متر مكعب من الغاز يوميًا، يُخصّص معظمها لتوليد الكهرباء. وبيّن أن وزارة الطاقة تعمل على زيادة الإنتاج لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتوفير فائض للتصدير إلى الدول المجاورة.
ويرتكز هذا المشروع على مذكرة تفاهم وُقِّعت مؤخرًا بين الشركة السورية للنفط وشركتين أمريكيتين: “كونوكو فيليبس” وشركة “نوفاتيرا” المتخصصة في الاستثمار وإدارة المشاريع. وتهدف الاتفاقية إلى رفع الإنتاج بمقدار أربعة إلى خمسة ملايين متر مكعب يوميًا في عام 2026، مما سيحسّن إمدادات الكهرباء ويقلّل الاعتماد على الوقود المستورد. وتشمل الاتفاقية تطوير الحقول القائمة وإطلاق برامج استكشاف جديدة وفقًا للمعايير الفنية الحالية.
تحوّل استراتيجي لإعادة الإعمار والاستقرار
وشدّد الدكتور قزّاز على الأهمية الأوسع لهذه الجهود، موضحًا أن اكتشاف حقول غاز جديدة يعزّز قدرة سوريا على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة، ويشكّل ركيزة أساسية لإعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي بعد سنوات من الصراع والعزلة الدولية.
وأضاف أن مثل هذه الاكتشافات تساعد على جذب الاستثمار والتكنولوجيا الأجنبية، وتساهم في تحسين البنية التحتية لقطاع الطاقة في البلاد. وتُعدّ مذكرة التفاهم خطوة مهمة في تطوير قطاع الطاقة من خلال الاستفادة من خبرات الشركات الدولية لتسريع تطوير الحقول وتعزيز القدرات الإنتاجية الوطنية.
