
في منتدى الدوحة، تناول الرئيس أحمد الشرع ملفات حساسة تتعلق بمفاوضات سوريا مع إسرائيل، وجهود المصالحة الداخلية، وآليات العدالة الانتقالية، والتحديات الاقتصادية الموروثة من الحكم السابق. وقدمت ملاحظاته صورة شاملة عن كيفية تعامل حكومة ما بعد التحرير مع الضغوط المحلية والدولية مع الحفاظ على رؤية وطنية موحدة.
سوريا وإسرائيل: من المواجهة إلى التفاوض
اتهم الشرع إسرائيل بتصدير الأزمات ومحاولة صرف الانتباه عن المجازر المرتكبة في غزة. وذكر أنه منذ التحرير، دأبت سوريا على إرسال رسائل إيجابية تهدف إلى تعزيز الاستقرار، إلا أن إسرائيل ردت بأكثر من ألف غارة جوية ومئات التوغلات، بما في ذلك الهجوم الأخير على بيت جن بريف دمشق. وأكد أن المفاوضات مع إسرائيل جارية بمشاركة أمريكية، لكنه شدد على أن أي اتفاق يجب أن يحمي السيادة السورية ومصالحها.
جميع الدول المعنية بالقضية تدعم مطلب سوريا بانسحاب إسرائيل من كافة الأراضي المحتلة بعد 8 ديسمبر. وأصرّ الشرع على أن أي اتفاق يجب أن يضمن مصالح سوريا، لا سيما في ظل تعرضها لهجمات إسرائيلية متكررة. وجدد تأكيده على التزام سوريا باتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، وتساءل عمن سيضمن المنطقة منزوعة السلاح إن لم يكن الجيش السوري وقوى الأمن متواجدة فيه.
الاستقرار الداخلي والعدالة الانتقالية
وبالتطرق إلى الشؤون الداخلية، قارن الرئيس الوضع الحالي بالعهد السابق، مؤكدًا أن سوريا انتقلت إلى نظام حكم جديد يختلف اختلافًا جوهريًا عن سابقه. ووصف البلاد بأنها تسير على مسار إيجابي نحو الاستقرار والانتعاش الاقتصادي، وأكد بأن السوريين يعيشون الآن دون خوف.
وأشار إلى الاحتفالات الشعبية الحاشدة التي أعقبت سقوط نظام الأسد كدليل على الوحدة الوطنية والثقة. وفيما يتعلق بالمصالحة، أوضح أن العفو والصفح كانا من الأولويات منذ المراحل الأولى للمعركة الوطنية، معتبرًا هذه الإجراءات ضرورية لمستقبل آمن ومستدام.
وصف الرئيس الشرع نهج الحكومة تجاه العدالة الانتقالية، مسلطًا الضوء على تشكيل لجان تقصي الحقائق في قضايا المفقودين، والأحداث في الساحل وكذلك في السويداء، والتعاون مع الهيئات الدولية، ومحاكمة مرتكبي الانتهاكات في المناطق الساحلية والسويداء.
وشدد على أهمية بناء دولة قائمة على القانون والقوة المؤسسية، وإبعاد سوريا عن النماذج الطائفية. ووصف الشعب السوري بأنه مثقف وواعٍ، مؤكدًا أنه قدم مثالًا للتعايش والسلم الأهلي خلال الثورة.
الاقتصاد والعقوبات والطريق نحو المستقبل
وفي معرض حديثه عن التحديات الاقتصادية، قال الرئيس إن التعافي يرتبط ارتباطًا مباشرًا بالاستقرار، وأكد مجددًا على الجهود الجارية لإقناع الولايات المتحدة بإلغاء قانون قيصر. وأعرب عن تفاؤله، مشيرًا إلى أن إدارة ترامب تدعم عملية رفع العقوبات وأن جزءًا كبيرًا من المجتمع الدولي يتحرك أيضًا في هذا الاتجاه.
واختتم رسالته قائلاً إن الصعوبات التي تواجهها سوريا حاليًا هي “إرث جماعي”، مؤكدًا أن الحكومة تتعامل معها بحكمة لا بالانتقام. وأكد أن الحكومة الحالية تُمثل جميع السوريين على أساس الكفاءة لا المحاصصة، وأن سوريا الآن على طريق يمكن للآخرين أن يتعلموا منه كيف تُعيد الأمم بناء نفسها بعد الأزمات والحروب.
